الفسطاط الأندلس
يعتبر الفسطاط الأندلس من أهم المعالم التاريخية في شبه الجزيرة الأيبيرية، وقد لعب دوراً بارزاً في تاريخ الأندلس الإسلامية.
تأسيس الفسطاط
أنشأ الفسطاط عبد الرحمن الداخل أول أمراء الدولة الأموية في الأندلس، وذلك عام 138 هـ / 756 م. وكان الغرض من إنشاء الفسطاط توفير مقر للحكم وللجيش بعيداً عن قرطبة عاصمة الخلافة الأموية آنذاك. اختار عبد الرحمن الداخل موقع الفسطاط بعناية فائقة، إذ يقع على ضفاف نهر الوادي الكبير بالقرب من مدينة إشبيلية، مما يجعله موقعاً استراتيجياً هاماً.
بناء الفسطاط
بدأ عبد الرحمن الداخل ببناء الفسطاط على الطراز الأموي، مستوحياً تصميمه من قصر الخضراء في دمشق. وقد ضم الفسطاط مجموعة من القصور والحدائق والحمامات والمساجد، بالإضافة إلى الأسوار والأبراج الدفاعية. كما أمر عبد الرحمن الداخل ببناء جامع كبير داخل الفسطاط، والذي يعد من أقدم المساجد في الأندلس.
أهمية الفسطاط
اكتسب الفسطاط الأندلس أهمية كبيرة على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي. فعلى المستوى العسكري، كان الفسطاط بمثابة معسكر للجيش الأموي، حيث كان بمثابة قاعدة انطلاق للجيوش الأموية في حملاتها ضد الممالك المسيحية في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية. أما على المستوى السياسي، فقد كان الفسطاط مقراً لإقامة الخلفاء الأمويين في الأندلس، حيث كان بمثابة مركز للخلافة الأموية في غرب العالم الإسلامي. أما على المستوى الاقتصادي، فقد كان الفسطاط مركزاً تجارياً هاماً، حيث كان يضم سوقاً كبيراً وورشاً للصناعات الحرفية والزراعية.
ازدهار الفسطاط
ازدهر الفسطاط الأندلس بشكل كبير في عهد الخليفة الأموي الحكم الثاني، الذي تولى الحكم عام 961 م. وقد أمر الحكم الثاني بتوسيع الفسطاط وبناء المزيد من القصور والحدائق والحمامات. كما أمر ببناء قصر الزهراء الضخم بالقرب من الفسطاط، والذي يعد من أهم القصور الأموية في الأندلس.
تراجع الفسطاط
بدأ الفسطاط الأندلس بالتراجع في أواخر عهد الدولة الأموية في الأندلس، وذلك بسبب الصراعات الداخلية بين الأمراء الأمويين. كما تعرض الفسطاط للهجوم والتدمير من قبل الممالك المسيحية في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية. وازداد الوضع سوءاً بعد سقوط الدولة الأموية في الأندلس عام 1031 م.
نهاية الفسطاط
انتهى الفسطاط الأندلس بشكل نهائي بعد الفتح النصراني للأندلس عام 1248 م. وقد تم تدمير الفسطاط بشكل شبه كامل، ولم يتبق منه إلا بعض الآثار القليلة التي تشهد على عظمة هذا المعلم التاريخي.
يعتبر الفسطاط الأندلس شاهداً على الحضارة الإسلامية الزاهرة التي ازدهرت في شبه الجزيرة الأيبيرية لعدة قرون. وهو من أهم المعالم التاريخية في الأندلس، ويعد من أهم الوجهات السياحية في إسبانيا.