واجعله رب رضيا
مقدمة
في خضم الحياة الدنيا وصخبها، تتلاشى أحيانًا رسالتنا الحقيقية: أن نرضي الله سبحانه وتعالى في كل قول وفعل. إن جعل الله راضيًا عنا هو الكنز الحقيقي الذي يجب أن نسعى إليه، لأنه مفتاح الفلاح في الدنيا والآخرة.
1. الإخلاص في العبادة
يبدأ إرضاء الله بالإخلاص في العبادة. هذا يعني أن نؤدي عباداتنا لله وحده، لا نبتغي بها إلا وجهه الكريم. عندما نتخلص من الرياء والسمعة، يقبل الله عبادتنا ويرضى عنا.
ويشمل الإخلاص أيضًا الإخلاص في النية، أي أن نقصد بعبادتنا التقرب إلى الله وإرضاءه. ويظهر الإخلاص أيضًا في اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ قال: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.”
2. اتباع أوامره واجتناب نواهيه
رضا الله يرتبط ارتباطًا وثيقًا باتباع أوامره واجتناب نواهيه. ومن أهم أوامر الله التي تجلب رضاه الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والإحسان إلى الوالدين، وبر اليتيم، والمسكين.
كما حثنا الله على اجتناب المعاصي والذنوب، مثل الكذب، والغش، والظلم، والسرقة، والزنا، والخمر. وعندما نتجنب هذه المحرمات، نكون قد اتخذنا خطوة كبيرة نحو إرضاء الله.
3. ذكر الله وشكره
رضا الله يتحقق أيضًا من خلال ذكر الله وشكره على نعمه. فبذكر الله باستمرار، نتقرب إليه ونتجدد إيماننا. ويشمل ذكر الله تلاوة القرآن، والصلاة على النبي، والاستغفار والتسبيح.
أما شكر الله، فهو التعبير عن امتناننا له على ما أنعم علينا من نعم ظاهرة وباطنة. ونشكر الله من خلال استعمال نعمه في طاعته، والحمد له على ما رزقنا.
4. التوكل على الله والثقة به
رضى الله يتطلب منا أن نتوكل عليه في كل أمورنا، ونتيقن أنه خير مدبر لنا. ويشمل التوكل على الله الصبر على البلاء، والرضا بنصيبه، والثقة بأن الله لن يضيع أجر المحسنين.
وعندما نتوكل على الله، نزيل العبء الثقيل عن كاهلنا ونريح أنفسنا من هموم الدنيا. فالله هو القادر على كل شيء، وهو الذي يقدر لنا ما هو خير لنا.
5. الدعاء إلى الله
الدعاء هو وسيلة قوية لإرضاء الله والتقرّب إليه. فبرفع أكفنا إلى الله وطلب حاجاتنا، نظهر له اعتمادنا عليه وثقتنا به. ويشمل الدعاء كل أنواع الطلبات، من طلب العفو والمغفرة إلى طلب الرزق والصحة.
وعندما ندعو الله، يجب أن نكون صادقين وخاشعين، وأن نثني عليه وعلى رسوله قبل الدعاء. فالدعاء بحد ذاته عبادة عظيمة تقربنا إلى الله وترضيه عنا.
6. الصبر على البلاء
رضا الله يظهر جليًا في صبرنا على البلاء والابتلاءات. فالحياة الدنيا مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنها أيضًا فرص لاختبار إيماننا وزيادة قربنا من الله.
وعندما نصبر على البلاء، لا نجزع ولا نيأس، بل نتذكر أن الله ابتلانا ليمتحننا ويرفع درجاتنا. فنحتسب الأجر عند الله ونستعين به على تجاوز ما يملي علينا.
7. الإحسان إلى الخلق
رضا الله يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالإحسان إلى الخلق. فقد أمرنا الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين والزوج والأقارب والجيران واليتامى والمساكين وكل من حولنا.
ويكون الإحسان بالقول الحسن، والفعل الطيب، والمساعدة المعنوية والمادية. فكلما أحسنا إلى الناس، أحسن الله إلينا، ورضي عنا في الدنيا والآخرة.
خاتمة
إن إرضاء الله سبحانه وتعالى هو غاية كل مؤمن، وهو الطريق إلى السعادة الحقيقية والفلاح الأبدي. ومن خلال الإخلاص في العبادة واتباع أوامر الله واجتناب نواهيه وذكر الله وشكره والتوكّل عليه والدعاء إليه والصبر على البلاء والإحسان إلى الخلق، نصبح أقرب إلى الله وننال رضاه.