استودعتك الله حبيبي، فكن في حفظ الرحمن
عندما تفيض المشاعر عن حدود الكلمات، وتختنق العبارات بحجم التأثر، نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى نستودعه أغلى ما نملك، ندعوه أن يحفظ لنا من نحب، ونهمس في آذانهم عبارة “استودعتك الله حبيبي”.
1. معنى الاستوداع في الشرع
في اللغة يعني الاستوداع: الإيداع والوضع، وفي الشرع هو عقد يلتزم فيه أحد الطرفين (المستودع) بحفظ مال أو عين أخرى سلمه إليه الطرف الآخر (المودع) مدة معينة أو غير محددة دون مقابل.
2. حكمة الاستوداع عند الله
استوداع الله لمن نحب ليس مجرد تعبير عن خوفنا وقلقنا عليهم، بل هو إقرار بحقيقتنا البشرية، وأننا لا نملك لهم إلا الدعاء والحفظ، كما أنه إقرار بتوكلنا على الله وثقتنا به وحده في حفظهم وتوفيقهم.
3. الدعاء في الاستوداع
عندما نستودع الله حبيبنا، فإننا في الحقيقة ندعو له بالخير والسلامة والحفظ من كل سوء، فنقول مثلاً: “اللهم احفظ لي حبيبي، واكفه شرور الدنيا والآخرة، اللهم اجعله في عنايتك ورعايتك، اللهم اكتب له السعادة والتوفيق في الدنيا والآخرة”.
4. مكانة الاستوداع في الإسلام
حظيت الاستوداع بمكانة عظيمة في الإسلام، فقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفظ الأمانات، وقال: “المسلمون عند شروطهم”. كما جعل الله خيانة الأمانة من كبائر الذنوب، فقال تعالى: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها”.
5. كيف نستودع الله أحبتنا؟
للاستوداع عند الله آداب وآليات يجب مراعاتها، منها:
الإخلاص لله تعالى في الدعاء والتوكل عليه وحده.
اليقين بأن الله هو الحافظ الكريم، وأن في يده الخير كله.
الدعاء بلسان صادق وقلب خاشع، وتكرار الدعاء والإلحاح فيه.
الحذر من الشرك الخفي بالله، كأن نعتمد على غير الله في حفظ أحبتنا أو نعلق قلوبنا بهم أكثر من تعلقنا بالله.
6. آثار الاستوداع عند الله
لاستوداع الله لمن نحب آثار عظيمة على القلب والروح، منها:
الشعور بالطمأنينة والسكينة، فاستوداع أحبتنا عند الله يحملنا على عدم القلق عليهم، ويوكلنا أمرهم إليه وهو خير الحافظين.
تقوية الإيمان والتوكل على الله، فاستوداع الأحبة عند الله يذكرنا بعظمته وقدرته على حفظهم وإسعادهم.
زيادة المحبة والترابط بيننا وبين أحبتنا، فاستوداعهم عند الله يجعلنا ندرك قيمتهم، وندعو لهم بالخير دائمًا.
استوداع الله لمن نحب هو تعبير عن حبنا لهم وخوفنا عليهم، ولكنها في الوقت نفسه دعاء وتوكل على الله، نرجو من خلاله أن يحفظهم ويحوطهم بعنايته ورعايته. فاستودعوا الله أحبتكم، فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.