الصن والحكم
الصن والحكم صنوان لا يفترقان، فكما أن صنو الإنسان في الدنيا وأخوه في الدين يكون خير معين على صراط الله المستقيم، فإن الصن والحكم عونان على السير في درب الهداية، وإن أسبغ حكم الله سبحانه وتعالى نعمه على عباده المصلحين من خلقه بالإصلاح بينهم، وهدايتهم إلى أوامره، وإرشادهم إلى دينه القويم.
فضائل الإصلاح بين الناس
إن الإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإفساد بين الناس، وذم المفسدين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا”، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة”.
وينبغي للإنسان أن يسعى في الإصلاح بين الناس، ويجتهد في الصلح بينهم، وأن يكون ذلك من دواعيه التي يسعى خلفها، وأن يولي هذا الأمر من اهتمامه وعنايته، وأن يتوخى الصلح بين الناس في القول والعمل، وتقديم المشورة الحسنة، وأن تكون نيته خالصة لوجه الله تعالى.
ومن فضائل الإصلاح بين الناس، أنه سبب لدخول الجنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ولا يحل لمسلم أن ينصر ظالمًا، ولا يسلم مظلومًا، من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كرب الآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”.
شروط الإصلاح بين الناس
ولكي يكون الإصلاح بين الناس صحيحًا ومنضبطًا، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أهم الشروط التي تضمن تحقيق الإصلاح المنشود، ومن أهم هذه الشروط:
{|}
– النية لله تعالى: وقصد التقرب إليه سبحانه، والإصلاح بين الناس، وإلى إصلاح ذات البين، وتوحيد الصفوف بين المسلمين.
– العلم والفقه: بأن يكون المصلح عالمًا بأحكام الشريعة الإسلامية، وفقهًا في أمور الدنيا، حتى يستطيع أن يصلح بين المتخاصمين، بحكمة وعلم.
– العدل والإنصاف: بأن يكون المصلح عادلاً في حكمه، لا يميل إلى أحد المتخاصمين، وإنما ينظر إلى الحق والعدل، ويحكم بينهما بالحق.
أخلاق المصلح بين الناس
ولكي يكون المصلح بين الناس مؤثرًا، ومقبولًا بين المتخاصمين، لا بد له من أن يتحلى بعدة أخلاقيات، وهي:
– الحكمة في التعامل مع المتخاصمين، والقدرة على إقناع كل طرف برأي الآخر، والوصول إلى حل يرضي الطرفين.
– الصبر: فالإصلاح بين الناس يحتاج إلى صبر وجلد، فقد لا يتقبل المتخاصمون رأي المصلح في بادئ الأمر.
– التواضع: وأن يكون المصلح متواضعًا، لا يرى نفسه أفضل من المتخاصمين، أو أعلى منهم منزلة.
{|}
أركان عملية الإصلاح بين الناس
لكي تنجح عملية الإصلاح بين الناس، لا بد من توفر ثلاثة أركان أساسية، وهي:
– المتخاصمان: وهم أطراف النزاع، الذين يجب الإصلاح بينهم، وقد يكونوا أفرادًا أو جماعات أو دولًا.
– المصلح: وهو الذي يقوم بعملية الإصلاح، ويجب أن يتحلى بالمؤهلات والصفات اللازمة لذلك.
– الوسيلة: وهي الطريقة التي يتم بها الإصلاح، وقد تكون بالكلام أو بالكتابة أو بالوساطة.
مراحل عملية الإصلاح بين الناس
تمر عملية الإصلاح بين الناس بعدة مراحل، أهمها:
– مرحلة جمع المعلومات: يقوم المصلح بجمع المعلومات عن القضية محل النزاع، وذلك من خلال الاستماع إلى أقوال المتخاصمين، والاطلاع على الوثائق والمستندات.
– مرحلة التشخيص: بعد جمع المعلومات، يقوم المصلح بتشخيص القضية، وتحديد أسباب النزاع، وتحديد نقاط الخلاف بين المتخاصمين.
{|}
– مرحلة الاقتراح: بعد ذلك، يقوم المصلح باقتراح الحلول المناسبة لحل النزاع، وذلك من خلال التشاور مع المتخاصمين، وإقناعهم بقبول الحلول المقترحة.
أهمية الحكمة في الإصلاح بين الناس
تلعب الحكمة دورًا كبيرًا في نجاح عملية الإصلاح بين الناس، فالحكمة هي القدرة على فهم الأمور بشكل صحيح، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات، والتأثير على المتخاصمين وإقناعهم بقبول الحلول المقترحة.
ويجب على المصلح أن يكون حكيمًا في تصرفاته وأقواله، وأن يستخدم الحكمة في التعامل مع المتخاصمين، وأن يتجنب التسرع في إصدار الأحكام، وأن يصبر على المتخاصمين، وأن يتعامل معهم بحكمة وعقل.
{|}
كما أن على المصلح أن يكون متمتعًا بالبصيرة والفطنة، وأن يكون قادرًا على إدراك حقيقة الأمور، وأن يتعامل مع المتخاصمين بموضوعية وحيادية، وأن يبتعد عن الأهواء والانفعالات.
دور الحكم في إصلاح ذات البين
للحكم دور مهم في إصلاح ذات البين، وذلك من خلال إصدار الأحكام العادلة، التي تحفظ حقوق المتخاصمين، وتحسم النزاع بينهم.
وينبغي على الحكم أن يكون عادلاً في أحكامه، لا يميل إلى أحد المتخاصمين، وإنما ينظر إلى الحق والعدل، ويحكم بينهما بالحق.
{|}
كما أن على الحكم أن يكون حكيمًا في تصرفاته وأقواله، وأن يستخدم الحكمة في التعامل مع المتخاصمين، وأن يتجنب التسرع في إصدار الأحكام، وأن يصبر على المتخاصمين، وأن يتعامل معهم بحكمة وعقل.
الخلاصة
إن الإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإفساد بين الناس، وذم المفسدين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا”.
ومن فضائل الإصلاح بين الناس، أنه سبب لدخول الجنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ولا يحل لمسلم أن ينصر ظالمًا، ولا يسلم مظلومًا، من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كرب الآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”.
ولكي يكون الإصلاح بين الناس صحيحًا ومنضبطًا، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أهم الشروط التي تضمن تحقيق الإصلاح المنشود، ومن أهم هذه الشروط: النية لله تعالى، والعلم والفقه، والعدل والإنصاف.