الفسطاط الجبيل
تعتبر الفسطاط الجبيل من أهم وأشهر المناطق الأثرية في مدينة الجبيل بالسعودية، فهي مدينة قديمة يعود تاريخها إلى القرن الأول الهجري، وقد بناها المسلمون الفاتحون في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت الفسطاط الجبيل بمثابة عاصمة لدولة الخلافة الإسلامية في عهد الخلفاء الأمويين والعباسيين، وقد لعبت دوراً هاماً في نشر الإسلام واللغة العربية والثقافة الإسلامية في المنطقة.
موقع الفسطاط الجبيل
تقع الفسطاط الجبيل على ساحل الخليج العربي في الجزء الشرقي من مدينة الجبيل، وكانت في الأصل جزيرة صغيرة يفصلها خور بسيط عن البر الرئيسي، وقد اختار المسلمون هذا الموقع الاستراتيجي لبناء مدينتهم بسبب موقعه المتميز الذي يوفر الحماية من الغزوات الخارجية، كما أنه يسهل الوصول إلى البحر والطرق التجارية الرئيسية.
تأسيس الفسطاط الجبيل
أسس المسلمون الفسطاط الجبيل في عام 29 هـ / 650 م في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد اختاروا لها هذا الاسم نسبة إلى مدينة الفسطاط التي أسسها عمرو بن العاص في مصر، وكان الغرض من بناء الفسطاط الجبيل هو توفير قاعدة عسكرية للجيوش الإسلامية التي كانت تتجه إلى بلاد فارس والهند، كما أنها أصبحت مركزاً تجارياً هاماً يربط بين الشرق والغرب.
تخطيط الفسطاط الجبيل
{|}
كانت الفسطاط الجبيل مدينة مخططة بشكل جيد، حيث قسمت إلى عدة أحياء سكنية وتجارية وإدارية، وقد بنيت منازلها من الحجر الجيري والطين والقصب، وكانت الشوارع مستقيمة وواسعة، وقد زودت المدينة بنظام ري متطور يعتمد على الآبار والقنوات، كما كان بها العديد من المساجد والمدارس والمستشفيات.
الآثار المكتشفة في الفسطاط الجبيل
لقد أجريت العديد من أعمال التنقيب الأثري في الفسطاط الجبيل منذ القرن التاسع عشر، وقد أسفرت هذه الأعمال عن اكتشاف العديد من الآثار الهامة التي ألقت الضوء على تاريخ المدينة وحضارتها، ومن أهم هذه الآثار:
1. المسجد الجامع: يعتبر المسجد الجامع من أبرز معالم الفسطاط الجبيل، وقد بني في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، وكان يتسع لأكثر من ألف مصلي، وقد تميز المسجد بزخارفه الجصية الرائعة وكتاباته القرآنية المزخرفة.
{|}
2. دار الإمارة: كانت دار الإمارة مقر حكم الولاة الأمويين والعباسيين في الفسطاط الجبيل، وقد تم اكتشاف أجزاء كبيرة منها، بما في ذلك قاعة الاستقبال وغرف النوم والحمامات.
{|}
3. بيوت التجار: تم اكتشاف العديد من بيوت التجار في الفسطاط الجبيل، والتي كانت تتكون من طابقين أو ثلاثة طوابق، وقد عثر فيها على العديد من الآثار المنزلية والأدوات التجارية.
4. الورش الصناعية: كانت الفسطاط الجبيل مركزاً صناعياً هاماً، وقد تم اكتشاف العديد من الورش الصناعية فيها، بما في ذلك ورش صناعة الفخار والنسيج والمعادن.
5. الميناء: كان ميناء الفسطاط الجبيل ميناءً تجارياً هاماً، وقد تم اكتشاف أجزاء كبيرة منه، بما في ذلك أرصفة السفن والمخازن التجارية.
أهمية الفسطاط الجبيل
لقد لعبت الفسطاط الجبيل دوراً هاماً في التاريخ الإسلامي، فقد كانت:
1. مركزاً عسكرياً: كانت الفسطاط الجبيل قاعدة انطلاق للجيوش الإسلامية التي كانت تتجه إلى بلاد فارس والهند، وقد لعبت دوراً هاماً في نشر الإسلام في هذه المناطق.
{|}
2. مركزاً تجارياً: كانت الفسطاط الجبيل مركزاً تجارياً هاماً يربط بين الشرق والغرب، وقد كانت تتداول فيها السلع من جميع أنحاء العالم.
3. مركزاً ثقافياً: كانت الفسطاط الجبيل مركزاً ثقافياً هاماً، حيث كانت بها العديد من المساجد والمدارس والمكتبات، وقد لعبت دوراً هاماً في نشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية في المنطقة.
تطوير الفسطاط الجبيل
لقد تعرضت الفسطاط الجبيل للعديد من الغزوات والتدمير على مر التاريخ، ولكنها ظلت محافظة على أهميتها حتى القرن العاشر الهجري، عندما بدأت في الانحدار بسبب تحول طرق التجارة البحرية، وقد تم إهمال المدينة تدريجياً وتحولت إلى أطلال، إلا أنه في السنوات الأخيرة، بذلت جهود كبيرة لترميم الفسطاط الجبيل وإعادة إحيائها كمعلم تاريخي وثقافي مهم.
الخاتمة
{|}
الفسطاط الجبيل هي مدينة تاريخية وأثرية هامة لها مكانة كبيرة في التاريخ الإسلامي، فهي شاهدة على عظمة الحضارة الإسلامية في الماضي، وقد لعبت دوراً هاماً في نشر الإسلام واللغة العربية والثقافة الإسلامية في المنطقة، وما زالت الفسطاط الجبيل اليوم تمثل رمزاً لتاريخ المملكة العربية السعودية العريق وحضارتها الزاهرة.