اللهم استودعتك أولادي
الأولاد هم زينة الحياة الدنيا، وهم أغلى ما نملك في هذه الدنيا، فهم أثمار قلوبنا، وهم مصدر سعادتنا، ولهم نعمل ونكافح، ونسعى بكل جهدنا لإسعادهم، والله -تعالى- هو الحافظ هو الرقيب، ولهذا نستودعه أولادنا في كل حين في كل وقت، فنقول: “اللهم استودعتك أولادي”.
أولاً: معنى الاستوداع
الاستوداع هو أن نضع شيئًا عند شخص آخر، على أن يحفظه لنا، ويرده إلينا متى طلبناه، فنحن نستودع الله -تعالى- أولادنا، أي نجعله هو الحافظ لهم، وهو الكفيل بهم، فهو -سبحانه- خير من حفظهم لنا، وهو أقدر على رعايتهم وحمايتهم.
والاستوداع هنا ليس مجرد كلمة نقولها، بل هو اعتقاد راسخ في قلوبنا، فنحن نؤمن بأن الله -تعالى- هو الحافظ لعباده، وهو خير من يتولى أمرهم، وهو أرحم الراحمين بخلقه، ولهذا نستودعه أولادنا في كل حين، وندعوه أن يحفظهم ويرعاهم ويحميهم من كل مكروه.
وإذا استشعرنا الخوف على أولادنا، أو إذا أصابهم مكروه، فعندئذٍ نلجأ إلى الله -تعالى- وندعوه بأن يحفظهم ويحميهم، ونقول: “اللهم استودعتك أولادي”، فهذه الكلمات فيها من التضرع والخشوع، وفيها من الرجاء في الله -تعالى- ما يعيننا على الصبر، ويثبت قلوبنا، ويجعلنا نتفاءل بالخير.
ثانيًا: فضل الاستوداع
لاستوداع الأولاد عند الله -تعالى- فضل عظيم، فقد ورد في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من قال حين يصبح: اللهم إني أستودعك ديني وأمانتي وخواتيم عملي، لم يقض الله له حاجة في ذلك اليوم إلا قضاها له”، ففي هذا الحديث حث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الاستوداع، وبشر من استودع الله -تعالى- دينه وأمانته وخواتيم عمله بأن الله -تعالى- سيقضي له حاجته.
ومن فضائل الاستوداع أيضًا أنه يطمئن القلب، ويزيل الهم والغم، ويجعلنا نشعر بالأمان والراحة، فمتى استشعرنا الخوف على أولادنا، أو إذا أصابهم مكروه، فعندئذٍ نلجأ إلى الله -تعالى- وندعوه بأن يحفظهم ويحميهم، ونقول: “اللهم استودعتك أولادي”، ففي هذه الكلمات من التضرع والخشوع، وفيها من الرجاء في الله -تعالى- ما يعيننا على الصبر، ويثبت قلوبنا، ويجعلنا نتفاءل بالخير.
ومن فضائل الاستوداع أيضًا أنه سبب في حفظ الأولاد ورعايتهم، فمتى استودعنا أولادنا عند الله -تعالى-، فإن الله -تعالى- يتولى أمرهم، ويحفظهم من كل مكروه، ويرعاهم بعنايته، ويكنفهم برحمته، فإذا خرجوا من المنزل للذهاب إلى المدرسة أو إلى أي مكان آخر، فنقول: “اللهم استودعتك أولادي”، وإذا ناموا فنقول: “اللهم استودعتك أولادي”، وإذا سافروا فنقول: “اللهم استودعتك أولادي”.
ثالثًا: آداب الاستوداع
لاستوداع الأولاد عند الله -تعالى- آداب، منها:
- الإيمان بأن الله -تعالى- هو الحافظ لعباده، وهو خير من يتولى أمرهم، وهو أرحم الراحمين بخلقه.
- الدعاء والتضرع إلى الله -تعالى- بأن يحفظ أولادنا ويرعاهم ويحميهم من كل مكروه.
- التربية السليمة للأولاد، وتعليمهم أمور دينهم، وغرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوسهم.
- توفير الحماية اللازمة للأولاد، وعدم تعريضهم للخطر أو الإهمال.
- الاهتمام بالأولاد ومتابعة شؤونهم، وتوفير الرعاية اللازمة لهم.
رابعًا: صور الاستوداع
يظهر الاستوداع في صور كثيرة، منها:
- استوداع الله -تعالى- لأولادنا في كل حين، وفي كل مكان.
- استوداع الله -تعالى- لأولادنا عند السفر، وعند الخروج من المنزل، وعند النوم.
- استوداع الله -تعالى- لأولادنا عند إصابتهم بالمرض، أو مواجهتهم لأي مشكلة أو أزمة.
- استوداع الله -تعالى- لأولادنا عند دخولهم المدرسة، أو الجامعة، أو أي مرحلة جديدة في حياتهم.
- استوداع الله -تعالى- لأولادنا عند زواجهم، أو عند انتقالهم إلى بيت جديد، أو عند أي تغيير في حياتهم.
خامسًا: ثمرات الاستوداع
لاستوداع الأولاد عند الله -تعالى- ثمرات عظيمة، منها:
- حفظ الله -تعالى- لأولادنا، ورعايتهم، وحمايتهم من كل مكروه.
- طمأنينة القلب، وراحة البال، وعدم الشعور بالخوف أو القلق على أولادنا.
- زيادة الإيمان بالله -تعالى-، والتوكل عليه، والتفويض إليه.
- تربية الأولاد على حب الله -تعالى-، والطاعة له، والتوكل عليه.
- إعداد الأولاد لمواجهة تحديات الحياة، والصبر على المصائب.
سادسًا: دعاء الاستوداع
من الأدعية المأثورة في الاستوداع دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يقوله حين يصبح:
> “اللهم إني أستودعك ديني وأمانتي وخواتيم عملي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي”.
وهذا الدعاء جامع لمختلف صور الاستوداع، فيستحب أن نداوم عليه، ونقوله في كل حين، وخاصة عند السفر، وعند الخروج من المنزل، وعند النوم، وعند أي مناسبة أخرى.
سابعًا: الاستوداع وحفظ الأولاد
إن الاستوداع وحده لا يكفي لحفظ الأولاد، بل يجب علينا أن نبذل الأسباب المشروعة لذلك، وأن نتخذ التدابير اللازمة لحمايتهم ورعايتهم، وذلك من خلال:
- توفير الحماية اللازمة لهم، وعدم تعريضهم للخطر أو الإهمال.
- متابعتهم باستمرار، ومعرفة أماكن تواجدهم، ومن يرافقونهم.
- إرشادهم وتوجيههم، وتعليمهم السلوكيات الصحيحة، والتحذير من المخاطر والأضرار.
- غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوسهم، وتعويدهم على طاعة الله -تعالى-، واجتناب المحرمات.
- الدعاء لهم بالهداية والصلاح، وحفظهم من كل شر.
فإذا استودعنا الله -تعالى- أولادنا، وبذلنا الأسباب المشروعة لحفظهم ورعايتهم، وثقنا بأن الله -تعالى- سيحفظهم بعنايته، وسيرعاهم برحمته، وسيكنفهم بلطفه، ولن يصيبهم مكروه بإذن الله -تعالى-.
الخاتمة
إن أولادنا هم أغلى ما نملك في هذه الدنيا، ولهذا يجب أن نحرص على حفظهم ورعايتهم، وأن نستودعهم عند الله -تعالى- في كل حين، وندعوه أن يحفظهم ويح