اللهم إني وكلتك أمري واستودعتك همي فبشرني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
مقدمة
إن من أعظم الأمور التي يمكن للإنسان أن يفعلها هو أن يكل أمره إلى الله تعالى، وأن يستودعه همه وحزنه، فإن الله هو خير وكيل ووكيل، وهو خير من حفظ الودائع. فمن وكل أمره إلى الله تعالى، فسيكفيه الله تعالى كل ما يهمه، وسييسر له أموره، ويفرج عنه كربه.
أولاً: فضل التوكل على الله
إن التوكل على الله تعالى من أعظم أسباب الفوز بالدنيا والآخرة، فمن توكل على الله وحده، كفاه الله تعالى كل شيء، ويسر له أموره، ونصره على أعدائه. فقد قال تعالى: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ”.
والتوكل على الله تعالى من أسباب النصر والظفر، فمن توكل على الله ونصره، فلن يغلبه أحد. فقد قال تعالى: “وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا”.
والتوكل على الله تعالى من أسباب الرزق، فمن توكل على الله تعالى، رزقه الله تعالى من حيث لا يحتسب. فقد قال تعالى: “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.
ثانيًا: شروط التوكل على الله
وللتوكل على الله تعالى شروط يجب توافرها حتى يكون صحيحًا ومنها:
أن يكون التوكل على الله تعالى وحده، ولا يشرك معه أحدًا. فقد قال تعالى: “فَاعْبُد اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ”.
أن يكون التوكل على الله تعالى بعد الأخذ بالأسباب، فليس التوكل أن يجلس الإنسان في بيته وينتظر الرزق يأتي إليه، بل عليه أن يبحث عن الرزق ويسعى في طلبه، ثم يتوكل على الله تعالى في التوفيق والسداد.
أن يكون التوكل على الله تعالى مع الإيمان بالقدر، فمن توكل على الله تعالى وهو لا يؤمن بالقدر، فهو كمن يركب البحر وهو لا يؤمن بالغرق.
ثالثًا: درجات التوكل على الله
والتوكل على الله تعالى له درجات، فأعلاها درجة من توكل على الله تعالى وفوض إليه أمره، ولم يشرك معه أحدًا. فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المتوكلون ثلاثة: رجل نزل بقوم فأكرموه، فقال: إنما أكرمتموني بما رزقني الله، فتلك درجة. ورجل نزل بقوم فأكرموه، فقال: إنما أكرمتموني بما رزقني الله ورزقكم، فتلك درجة. ورجل نزل بقوم فأكرموه، فقال: إنما أكرمتموني بما رزقني الله ورزقكم ورزق كل أحد من في الأرض، فتلك درجة المتوكلين”.
رابعًا: ثمار التوكل على الله
والتوكل على الله تعالى له ثمار عظيمة منها:
طمأنينة القلب، فمن توكل على الله تعالى اطمأن قلبه، وسكنت نفسه، ولم يقلق على مستقبله، لأنه يعلم أن الله تعالى هو خير حافظ وكيل.
فرج الكرب، فمن توكل على الله تعالى فرج الله تعالى كربه، ونصره على أعدائه، وأعانه على تحقيق أهدافه.
سعة الرزق، فمن توكل على الله تعالى وسعه الله تعالى في رزقه، ورزقه من حيث لا يحتسب.
خامسًا: مظاهر التوكل على الله
والتوكل على الله تعالى له مظاهر كثيرة منها:
الثقة بالله تعالى، فمن توكل على الله تعالى وثق به، واعتمد عليه، ولم يخشى أحدًا سواه.
التسليم لله تعالى، فمن توكل على الله تعالى سلم له أمره، ورضي بقضائه، وقدره.
التفويض لله تعالى، فمن توكل على الله تعالى فوض إليه أمره، وألقى إليه همه، واعتمد عليه في كل شيء.
سادسًا: فضل الإيمان بالقدر
والإيمان بالقدر من أعظم أسباب التوكل على الله تعالى، فمن آمن بالقدر علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فاطمأن قلبه، وسكنت نفسه، وتوكل على الله تعالى في كل شيء.
سابعًا: الدليل على التوكل على الله تعالى
وفي القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من الأدلة على وجوب التوكل على الله تعالى، ومنها:
قال تعالى: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا”.
الخاتمة
وفي الختام، فإن التوكل على الله تعالى من أعظم أسباب الفوز بالدنيا والآخرة، فمن توكل على الله وحده، كفاه الله تعالى كل شيء، ويسر له أموره، ونصره على أعدائه. فاللهم إنا وكلناك أمرنا، واستودعناك همنا، فبشرنا.