اللهم ان في تدبيرك مايغني عن الحيل
الحمد لله القائل في كتابه الكريم: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)، والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذي علمنا أن من توكل على الله فهو حسبه، ومن توكل على غير الله فهو كمن استند إلى سراب يحسبه ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
تدبير الله غني عن الحيل
إن الله تعالى هو المدبر للأمور، وهو الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، وهو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما، وهو الذي رزقنا وسخر لنا ما في الأرض وما في السماء، وهو الذي يملك الضر والنفع، وهو الذي يعلم ما في الغيب وما في الشهادة، وهو الذي يحيي ويميت، وهو الذي يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، وهو الذي يصرف الأمور كما يشاء، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، وهو الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، وهو الذي يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وهو الذي يرفع من يشاء ويخفض من يشاء، وهو الذي يغني من يشاء ويفقر من يشاء.
تدبير الله شامل
إن تدبير الله تعالى شامل لجميع الأمور، فهو يدبر شؤون السماوات والأرض، ويدبر شؤون الملائكة والجن والإنس والحيوان والنبات والجماد، ويدبر شؤون الكون כולו، ولا يعجزه شيء، ولا يخفى عليه شيء، ولا يغيب عنه شيء.
ومن الأمثلة على شمولية تدبير الله تعالى أنه يدبر شؤون الأرزاق، فيرزق من يشاء بغير حساب، ويمنع من يشاء بغير عذاب، وهو يدبر شؤون الحياة والموت، فيحيي من يشاء ويميت من يشاء، وهو يدبر شؤون الزواج والطلاق، فيزوج من يشاء ويطلق من يشاء، وهو يدبر شؤون النصر والهزيمة، فينصر من يشاء ويهزم من يشاء.
تدبير الله حكيم
إن تدبير الله تعالى حكيم، أي أنه يقوم على أساس الحكمة، ولا يفعل شيئًا عبثًا أو لغوًا، وإنما كل ما يفعله له حكمة وسبب، وإن كنا لا نعلم جميع حكمته، فلأن عقولنا قاصرة عن إدراكها، ولكن يجب علينا أن نؤمن بأن الله حكيم في كل ما يفعله.
ومن الأمثلة على حكمة تدبير الله تعالى أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأعطاه من النعم ما لا يحصى، وخلق له الأرض وما فيها، وسخر له السماوات وما فيها، وجعل له من كل شيء زوجين، ليتكاثر ويتناسل، وخلق له الملائكة لتعبد الله وتطيعه، وخلق له الجن ليبتليه بهم، وخلق له الشيطان ليغويه، وخلق له الموت ليتوفاه إليه، وخلق له يوم القيامة ليحاسبه على أعماله.
تدبير الله عادل
إن تدبير الله تعالى عادل، أي أنه لا يظلم أحدًا، ولا يحيف على أحد، وإنما يعطي كل ذي حق حقه، ولا ينقص أحدًا شيئًا من حقه، ولا يزيد أحدًا شيئًا على حقه.
ومن الأمثلة على عدل تدبير الله تعالى أنه يرسل الرسل وينزل الكتب، ليهدي الناس إلى صراطه المستقيم، ويبين لهم ما فيه خيرهم وصلاحهم، وينذرهم بما فيه شرهم وفسادهم، ويحاسبهم على أعمالهم يوم القيامة، فيجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
تدبير الله كاف
إن تدبير الله تعالى كاف، أي أنه يغني عن الحيل، فمن توكل على الله وحده، وكفى به وكيلاً، ولم يلجأ إلى الحيل والخداع والمكر، فإن الله سيكفيه أمره، وسيصل إلى ما يريد بطرق مشروعة وسهلة.
ومن الأمثلة على كفاية تدبير الله تعالى أن الله تعالى يكفي المؤمن شر أعدائه، ويحفظ