اللهم إن كانت هذه ليلة القدر فاقسم لي فيها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ليلة القدر.. ليلة الخير
ليلة القدر هي ليلة عظيمة عند الله تعالى، قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة منها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه”، وقال صلى الله عليه وسلم: “إنها ليلة مباركة أنزل الله فيها القرآن، وفتح فيها أبواب السماء، وأجيب فيها الدعاء، ونزلت الملائكة في الأرض”.
علاماتها ووقتها
اختلف العلماء في علامات ليلة القدر، وقد ذكر ابن كثير في تفسيره ثلاث علامات منها طلوع الشمس في صبيحتها بيضاء ليس لها شعاع، واستواء ليلها ونهارها، وأن تكون ليلة ساكنة طيبة ليس فيها ريح ولا برد شديد.
أما عن وقتها فقد ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ”.
أفضل الأعمال فيها
تكثر العبادات في ليلة القدر، وأفضل الأعمال فيها:
1) الصلاة: وهي أفضل ما يتعبد به المسلم في هذه الليلة، قال تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا
2) الدعاء: وهو سبب لنيل فضل الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء هو العبادة”، فاجتهد في الدعاء في هذه الليلة فإن الله تعالى قريب مجيب.
3) تلاوة القرآن الكريم: وهي سبب لنيل الأجر والثواب العظيم، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ
تقديرها
إن تقدير ليلة القدر من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى، وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللَّهَ غَطَّى لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَلَا يَعْلَمُهَا غَيْرُ اللَّهِ”.
وقد جعل الله تعالى تقدير هذه الليلة خفيًا ليجتهد المسلمون في العبادة في العشر الأواخر من رمضان، فإن أصابوا ليلة القدر كان لهم فيها خير كثير، وإن لم يدركوها فقد فازوا بالأجر والثواب العظيم.
الخير في العشر الأواخر
إن العشر الأواخر من رمضان من أفضل أيام السنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده إن العشر الأواخر من رمضان أفضل من ألف شهر”، ففي هذه الأيام تنزل الرحمات وتفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، ويتضاعف أجر العبادات.
فعلى المسلم أن يغتنم هذه الأيام المباركة في العبادة والصلاة والدعاء، وأن يجاهد نفسه في طاعة الله تعالى.
الدعاء في ليلة القدر
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء في ليلة القدر: “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني”، وقال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا، وَهُوَ مُوقِنٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُجِيبُهُ إِيَّاهُ، اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ”.
فاجتهد في الدعاء في هذه الليلة المباركة، وادع الله تعالى بما شئت من خير الدنيا والآخرة.
ليلة القدر ليلة عظيمة عند الله تعالى، وهي فرصة للمسلمين لنيل فضل الله تعالى ومغفرته، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لإدراكها وأن نغتنمها في العبادة والدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.