اللهم من أراد
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا، فالله سبحانه وتعالى يخبرنا في هذه الآية الكريمة أن من أراد الآخرة وسعى لها سعيها ولم يجعل همه إلا في تحصيلها والوصول إلى جناتها -وهذا لا يتأتى إلا بالعمل الصالح والإيمان بالله عز وجل- فإن الله سيجعل سعيه مشكورا، أي مقبولا ومجزيا عليه أفضل الجزاء، فلا يخيب سعيه أبدا، ولا يضيع عمله، بل سيجازيه سبحانه وتعالى على سعيه دخول الجنة ونيل رضوانه وفوز رضوانه، فطوبى لمن كانت الآخرة هي همه ونيته فهو الفائز الموفق الذي نال خير الدنيا والآخرة. إن الآخرة هي الدار الباقية، وهي التي أعدها الله عز وجل لعباده المتقين الذين آمنوا به وعملوا الصالحات، وهي دار النعيم المقيم التي لا فناء لها ولا زوال، وفيها من اللذات والمسرات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولذلك فإن على المسلم أن يجعل الآخرة همه ونيته، وأن يسعى لها بكل ما أوتي من قوة.
أهمية السعي للآخرة
إن السعي للآخرة له أهمية كبيرة في حياة المسلم، فهو يجعله يقدم طاعة الله ورسوله على كل شيء، ويحفزه على العمل الصالح، ويبعده عن المعاصي والذنوب، كما أنه يطمئن قلبه ويزيل عنه الخوف والقلق، ويجعله يشعر بالراحة والسكينة، ويمنحه الأمل في مستقبل أفضل، فالمسلم الذي يحمل هم الآخرة لا يخاف الفقر ولا المرض ولا الموت، ولا يهتم بزينة الدنيا ومتاعها الزائل، بل يكون قلبه معلقا بالله عز وجل، ومتوكلا عليه في كل أموره، وراضيا بقضائه وقدره، مطمئنا إلى لطفه ورحمته، ولذلك فإن من الأهمية بمكان أن يحث المسلم نفسه على السعي للآخرة، وأن يجعل ذلك نصب عينيه دائما وأبدا.
وسائل السعي للآخرة
إن وسائل السعي للآخرة كثيرة ومتنوعة، ومن أهمها:
الإيمان بالله عز وجل ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
العمل الصالح الذي يرضي الله عز وجل.
الإحسان إلى الآخرين.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الدعوة إلى الله عز وجل.
التوبة النصوح إلى الله عز وجل.
كثرة الاستغفار والتضرع إلى الله.
الندم على الذنوب.
فضل السعي للآخرة
إن السعي للآخرة له فضل عظيم، فقد وعد الله عز وجل عباده المؤمنين الذين يسعون للآخرة بسعادة الدارين، وبالفوز برضوانه، وبدخول الجنة، قال عز وجل: ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا، فالآخرة هي دار النعيم المقيم، وهي التي أعدها الله عز وجل لعباده المتقين الذين آمنوا به وعملوا الصالحات، وهي دار اللذات والمسرات والسرور، وفيها من النعم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
حقيقة السعي للآخرة
إن السعي للآخرة ليس مجرد أماني ووعود، بل هو عمل وجهاد، قال الله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين وقال تعالى: ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين فالمؤمن الصادق يسعى للآخرة بكل ما أوتي من قوة، ولا يمنعه عن ذلك ضعف ولا فقر ولا مرض، بل يواجه الصعاب والتحديات بعزيمة وإصرار، ويثق في وعد الله عز وجل له بالنصر والتمكين قال الله تعالى: و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين، وإن من أعظم ما يعين المسلم على السعي للآخرة هو أن يتذكر الموت كثيرا، وأن يتأمل في أحوال أهل القبور، وأن يتفكر في عاقبة الظالمين والمفسدين.
آثار السعي للآخرة
إن السعي للآخرة له آثار إيجابية كثيرة على المسلم، فهو يجعله يخشى الله عز وجل، ويتقي معاصيه، ويتحلى بالأخلاق الفاضلة، ويسعى لفعل الخيرات، قال الله تعالى: إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير، وقال تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب.
خصائص السعي للآخرة
إن السعي للآخرة يتميز بعدة خصائص منها:
أنه عمل دائم ومستمر، لا يتوقف ولا ينقطع إلا بالموت.
أنه عمل مخلص لله عز وجل، لا يبتغي المسلم من ورائه إلا وجه الله ورضوانه.
أنه عمل مجاهد ومضن، يتطلب من المسلم بذل الجهد والتضحية والصبر.
أنه عمل مثمر ونافع، يحقق للمسلم سعادة الدارين، وينقذه من عذاب النار.
كيف نجعل الآخرة نصب أعيننا
لاستشعار أهمية الآخرة لا بد من القيام بعدة أمور منها:
– قراءة القران الكريم بتدبر وفهم معانيه والاسترشاد به.
– ذكر الموت وأهواله كثيراً وقراءة كتب وعظية.
– زيارة القبور والتفكر بحال الموتى وما آلت إليه أحوالهم.
– مجالس علماء الصالحين والاستماع إلى خطبهم ومواعظهم.
– محاسبة النفس ومراقبة أعمالها والحرص على طاعة الله ورسوله.
– كثرة الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل أن يرزقنا العافية والتقوى.
وختاما إن السعي للآخرة من أهم ما يجب على المسلم أن يهتم به، وأن يجعله غاية حياته وهدفه الذي يسعى لتحقيقه، ففي الاخرة سعادة الدارين، وفيها الفوز برضوان الله عز وجل، وفيها النجاة من النار، وفيها كل ما تتمنى نفس المؤمن وتشتهيه، لذلك على المسلم أن يسعى للآخرة بكل ما أوتي من قوة، وأن يجعل الآخرة نصب عينيه دائما وأبدا، وأن يعمل لآخرته كما يعمل لآخرته، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.