اللهم يا ملاذي عند كربتي
لجأتُ إليكَ مُستجيرًا بكَ من شدائدِ الزّمانِ، وأسألُكَ يا ربي ألاّ تجعلَني أشقى الأشقياء، وارزقني من حيث لا أحتسب يا أرحمَ الرّاحمين.
فضيلةُ اللجوءِ إلى اللهِ بالأدعيةِ والأذكارِ
إنّ اللجوء إلى اللهِ سبحانهُ وتعالى بالأدعيةِ والأذكارِ يُعتبرُ من أسمى العباداتِ وأعظمِ القُربات، وقد حثّنا نبينا الكريمُ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- على الإكثارِ من اللجوءِ إلى اللهِ بالدعاءِ والذكرِ في جميعِ الأحوالِ والظروفِ، وخاصةً في أوقاتِ الشدائدِ والكُرب.
فعن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “الدُّعاءُ هو العبادةُ”، وقال -صلّى اللهُ عليه وسلّم- أيضًا: “لا يردُّ القضاءَ إلا الدُّعاءُ”.
وكما وردَ في حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “ما مِن مُسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رحمٍ إلا أعطاهُ اللهُ بها إحدى ثلاثٍ: إمّا أن يُعجِّلَ له دعوتَه، وإمّا أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإمّا أن يَصرفُ عنه من السُّوءِ مثلَها”.
اللجوءُ إلى اللهِ عندَ الشدائدِ والكُربِ
إنّ اللجوء إلى اللهِ عندَ الشدائدِ والكُربِ لهو من أقوى الإيمانِ وأعظمِ التوكلِ، إذ إنّ الإنسانَ في هذه الأحوالِ يكونُ أحوجَ ما يكونُ إلى اللجوءِ إلى اللهِ سبحانهُ وتعالى.
فعن ابنِ عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “إذا حزِنتَ فادعُ اللهَ، وإذا سررتَ فاحمَدِ اللهَ، فإنّه مَن لَم يرضَ برزقهِ ولم يصبر على بلائهِ لم يزدد من اللهِ إلا بُعدًا”.
ووردَ في حديثِ أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “ليسأل أحدُكم ربَّهُ حاجتَه كلَّها حتى يسألهُ شسعَ نعلِهِ إذا انقطعتْ”.
مُذكّراتٌ وأدعيةٌ عندَ الشدائدِ والكُربِ
ولقد وردَت عن النّبيِّ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- أدعيةٌ ومُذكّراتٌ كثيرةٌ يمكنُ للمُسلمِ أنْ يدعو بها ويتذكّرُ بها في أوقاتِ الشدائدِ والكُربِ، ومن أهم هذه الأدعيةِ والمُذكّرات:
دعاءُ يونُسَ عليه السّلام
فعن ابنِ عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “دعوةُ ذي النُّونِ إذْ دَعا وهو في بطنِ الحوتِ: لا إلهَ إلا أنتَ سبحانكَ إني كنتُ من الظَّالمينَ”.
دعاءُ سيدنا محمدٍ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-
فعن أنسٍ -رضي اللهُ عنه- قال: كان رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- إذا حزِنهُ الأمر قال: “اللهمَّ إنّي عبدُكَ، ابنُ عبدِكَ، ابنُ أمتِكَ، ناصيتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لكَ سمّيتَ به نفسكَ، أو أنزلتَه في كتابكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقكَ، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندكَ، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همِّي”.
قولُ لا حولَ ولا قوّةَ إلا باللهِ
فعن أبي موسى الأشعريِّ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “ما قال عبدٌ قطّ: لا حولَ ولا قوّةَ إلا باللهِ، إلا جعلَ اللهُ له من أمرِه فرجًا ومخرجًا”.
قولُ حسبي اللهُ ونعمَ الوكيلُ
فعن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “مَن قالَ حينَ يُمسي وحينَ يُصبحُ: حسبي اللهُ ونعمَ الوكيلُ، ثلاثَ مرّاتٍ، كفاهُ اللهُ تعالى ما أهمَّه”.
الاستعاذةُ باللهِ من همومِ الدنيا
فعن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “تعوَّذوا باللهِ من همومِ الدُّنيا وأحزانها”.
قولُ اللهُمَّ إنّي أسألُكَ عافيةً في الدنيا والآخرةِ
فعن أنسٍ -رضي اللهُ عنه- قال: كان رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يدعو بهذا الدُّعاءِ: “اللهُمَّ إنّي أسألُكَ عافيةً في الدنيا والآخرةِ، اللهُمَّ إنّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ في ديني ودنيايَ وأهلي ومالي”.
قولُ اللهُمَّ يا ملاذي عند كربتي
فعن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: كان رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يُكثرُ أن يقولَ: “اللهُمَّ يا ملاذي عندَ كربتي، ويا غياثي عندَ شدتي، وفقري، ويا كاشِفَ همّي وغمي، فرِّج عنِّي كربتي يا رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورازقي”.
مُمارسةُ الدعاءِ بأدبِه
ويُستحبُّ عندَ الدعاءِ مُراعاةُ الآدابِ الآتية:
- أنْ يكونَ الداعيُ مُتطهِّرًا ومتوجِّهًا إلى القبلةِ.
- أنْ يكونَ الداعيُ مُخلصًا في نيّتِهِ، وأنْ لا يسألَ إلا اللهَ تعالى.
- أنْ يرفعَ الداعيُ يديهِ إلى السماءِ، وأنْ يُكثرَ من التضرُّعِ والابتهالِ إلى اللهِ تعالى.
- أنْ لا يستعجِلَ الداعيُ الإجابةَ، وأنْ يلحَّ في الطلبِ ويُكرِّرُ الدُّعاء.
فضلُ الدعاءِ عندَ الشدائدِ والكُربِ
هنالكَ فضائلُ كثيرةٌ للدّعاءِ عندَ الشدائدِ والكُرب، ومن أهمِّ هذه الفضائل:
- أنّ الدعاءَ ينزلُ السكينةَ والطمأنينةَ على القلبِ، ويُذهبُ الخوفَ والقلقَ.
- أنّ الدعاءَ يُقوِّي الإيمانَ باللهِ تعالى، ويُعزِّزُ التوكل