## النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
النفس البشرية، تلك الروح التي تسكن الجسد، جبلت على حب الحياة والتمسك بها. لذا عندما تواجه مصاعب الدنيا ومتاعبها، فإنها تنتحب وتتألم، رغم أنها تعلم أن هذه الدنيا فانية وأن الآخرة هي الدار الباقية.
### أسباب بكاء النفس على الدنيا
* **فقد الأحبة:** يعتبر فقدان الأحبة من أصعب الأمور التي تواجهها النفس البشرية. فحين ترحل الأرواح الغالية، تبقى ذكرياتها حية في القلب، وتتحول إلى مصدر للألم والأسى.
* **المصاعب والابتلاءات:** يتعرض الإنسان في حياته للكثير من المصاعب والابتلاءات، مثل المرض والفقر والفشل والأزمات النفسية. هذه التجارب القاسية تترك آثارًا عميقة على النفس، وتجعلها تبكي على الدنيا التي تسبب لها كل هذا العذاب.
{|}
* **ضياع الوقت:** يدرك الكثير من الناس أن الوقت هو أثمن ما يملكون، لكنهم يقضونه في أمور تافهة وعبثية. وعندما ينظرون إلى الوراء، يجدون أنفسهم قد أضاعوا أعمارهم في زحمة الدنيا، ويذرفون دموع الندم على الوقت الضائع.
* **الظلم والقهر:** الظلم والقهر من الأمور التي تثير حزن النفس وتدفعها إلى البكاء. فعندما يرى الإنسان المظلومين والضعفاء يعانون، يتألم قلبه ويبكي على حال الدنيا التي تسمح بوقوع مثل هذه الأفعال الشنيعة.
* **زخارف الدنيا:** تغري الدنيا الإنسان بزخارفها البراقة ومتعها الزائلة. ولكن عندما ينغمس الإنسان فيها، يكتشف أنها مجرد وهم وسراب، ويذرف دموع الحسرة على ما فاته من خير في سبيلها.
* **الموت:** الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع الإنسان الهروب منها. وعندما يواجهه، تبكي النفس على فراق الحبيب والأهل والأحبة، وعلى ترك الدنيا التي ألفها وعاش فيها طوال حياته.
* **الندم على المعاصي:** عندما يحين وقت الحساب، تتذكر النفس المعاصي التي ارتكبتها في الدنيا، وترى أنها قد أضاعت حقها في النعيم الأبدي. ينتابها الندم والحسرة، وتبكي على ماضيها المظلم.
{|}
### تأثير بكاء النفس على الدنيا
* **تنقية القلب:** دموع النفس على الدنيا لها تأثير تطهيري على القلب. فعندما تبكي النفس على مصاعبها ومتاعبها، فإنها تخفف من ثقلها وتزيل عنها غبار الحزن والأسى.
{|}
* **تذكير بالآخرة:** بكاء النفس على الدنيا يذكرها بالآخرة، ويدفعها إلى استعداد لليوم الذي ستواجه فيه خالقها. فهي تدرك أن الدنيا ليست إلا ابتلاءً عابرًا، وأن الآخرة هي الدار الحقيقية التي يجب عليها أن تعمل من أجلها.
* **كسب الأجر والثواب:** عندما تبكي النفس على مصاعب الدنيا، وتصبر على ابتلاءاتها، فإنها تكسب الأجر والثواب من الله تعالى. فهو يرى عباده الصابرين، ويكتب لهم الخير في الدنيا والآخرة.
### بكاء النفس على الدنيا: بين الحكمة وقلة الصبر
بكاء النفس على الدنيا جائز إذا كان بسبب مصائب ابتلي بها الإنسان أو ضياع الوقت أو ظلم وقع عليه. أما إذا كان البكاء مجرد تذمر وسخط على قدر الله تعالى، فهو من قلة الصبر وعدم الرضا بقضاء الله وقدره.
### علاج بكاء النفس على الدنيا
* **الصبر على الابتلاءات:** عندما تواجه النفس مصاعب الدنيا، عليها أن تصبر وتحتسب، وتتذكر أن بعد العسر يسرًا.
* **حسن التوكل على الله:** التوكل على الله تعالى هو مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة. فالنفس عندما توكل أمورها على الله، تعلم أن كل شيء سيحدث في مصلحتها، فيخف عنها الحزن والأسى.
* **التقرب من الله تعالى:** العبادة والطاعات تقرب النفس إلى الله تعالى، وتجعلها تشعر بالطمأنينة والراحة في قلبها.
* **التفكير في الموت:** الموت هو الحقيقة التي لا مفر منها. وعندما تتذكر النفس أنها ستموت لا محالة، فإنها تخفف من تعلقها بالدنيا، وتبكي عليها أقل.
* **الرضا بقضاء الله وقدره:** الرضا بقضاء الله وقدره من أعظم أسباب السعادة في الدنيا والآخرة. فالنفس عندما ترضى بما قسمه الله لها، فإنها لا تبكي على ما فاتها، وتقبل الحياة كما هي.
### حكمة بكاء النفس على الدنيا
{|}
* بكاء النفس على الدنيا يذكرها بحقيقتها الفانية، ويدفعها إلى التعلق بالآخرة.
* الدموع التي تذرفها النفس على الدنيا ليست ضعفا، بل هي دليل على عمق الإحساس والإيمان بالله تعالى.
* بكاء النفس على الدنيا هو وسيلة لتخفيف الحزن والأسى، والتطهر من ذنوبها.
{|}
### الخلاصة
النفس البشرية تبكي على الدنيا وقد علمت بفنائها، فهذه الدنيا دار ابتلاءات ومصائب، وزخارفها براقة ومتعها زائلة. بكاء النفس على الدنيا له تأثير إيجابي عليها، فهو ينقي القلب ويذكر بالآخرة، ولكن يجب أن يكون بكاء النفس نابعا من حكمة وصبر، لا من قلة الصبر وسخط على قضاء الله تعالى.