تطوير الحرمين الشريفين والاعتناء بجميع المشاعر المقدسة
تولي المملكة العربية السعودية منذ نشأتها رعاية واهتمامًا كبيرين بالحرمين الشريفين، وجميع المشاعر المقدسة، إيمانًا منها بدورها الريادي في خدمة الحرمين الشريفين، وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار، وتوفير أقصى درجات الراحة والأمان لهم.
توسعة الحرمين الشريفين
شهد الحرمين الشريفين على مر العقود الماضية توسعات كبيرة ومشاريع تطويرية عديدة، كان من أبرزها توسعة الحرم المكي الشريف، التي انطلقت بمرحلتها الأولى في عام 1409هـ وانتهت عام 1418هـ، وازدادت مساحة الحرم بعد التوسعة بأكثر من 400 ألف متر مربع، كما شملت التوسعة زيادة عدد طوابق المطاف من ثلاثة إلى أربعة طوابق، وتوسيع المسعى بين الصفا والمروة ليصبح مسقوفًا ومكيفًا، وإنشاء مبانٍ خاصة لاستقبال الحجاج والمعتمرين، وإنشاء دورات مياه ومصليات ومرافق أخرى.
أما توسعة الحرم النبوي الشريف فقد بدأت في عام 1405هـ وانتهت عام 1414هـ، وزادت مساحة الحرم بعد التوسعة بحوالي 82 ألف متر مربع، وتضمنت التوسعة إقامة رواق جديد على الجهة الغربية من الحرم يمتد من باب جبريل إلى باب السلام، وإنشاء ثلاثة طوابق للمسجد الجديد، وإنشاء ساحات خارجية مكشوفة ومسقوفة، وإنشاء مرافق خدمية متكاملة.
تطوير المشاعر المقدسة
لم يقتصر الاهتمام بالتطوير على الحرمين الشريفين فحسب، بل امتد ليشمل جميع المشاعر المقدسة، ففي مشعر منى تم تطوير جسر الجمرات الذي أصبح الآن جسرًا من أربعة طوابق، وتجهيزه بأنظمة إلكترونية متطورة للتحكم في حركة الحجاج أثناء رمي الجمرات، كما تم إنشاء معسكرات حديثة للحجاج، وتزويدها بكافة الخدمات الأساسية.
أما في مشعر عرفات فقد تم توسعة مسجد نمرة وإعادة بنائه على أحدث طراز، وإنشاء مجمعات دورات مياه ومصليات ومرافق خدمية متكاملة، كما تم إنشاء شبكة طرق حديثة تربط مشعر عرفات بالحرم المكي الشريف ومشعر مزدلفة.
وفي مشعر مزدلفة فقد تم إنشاء معسكرات حديثة للحجاج مجهزة بكافة الخدمات الأساسية، وتوسعة منطقة المشعر بمقدار 12 مليون متر مربع، وإقامة جسر للمشاة بطول 1200 متر يربط بين مزدلفة ومنى، وتحديث شبكة الطرق المؤدية إلى المشعر.
الخدمات المتكاملة
إلى جانب التوسعات العمرانية، تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا بتوفير الخدمات المتكاملة لضيوف الرحمن، فقد تم تطوير شبكة متكاملة من الطرق الحديثة تربط بين الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، كما تم افتتاح مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة لاستقبال الحجاج والمعتمرين، وتجهيزه بأحدث الأنظمة التقنية، وتطوير شبكة النقل العام في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
كما تم إنشاء عدد كبير من المستشفيات والمراكز الصحية في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لتقديم الخدمات الطبية للحجاج والمعتمرين، وتطوير منظومة الأمن والسلامة لضمان سلامة الحجاج والمعتمرين.
الاستدامة البيئية
تواكب المملكة العربية السعودية في مشاريع التطوير والتوسعة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة أحدث التقنيات التي تراعي متطلبات الاستدامة البيئية، فقد تم استخدام مواد صديقة للبيئة في البناء، وتطوير أنظمة إدارة النفايات، واستخدام الطاقة المتجددة لتشغيل بعض المرافق.
البعد الحضاري والثقافي
لا يقتصر تطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة على الجوانب العمرانية والخدمية فحسب، بل يمتد ليشمل أيضًا البعد الحضاري والثقافي، فقد تم إنشاء عدد من المتاحف والمراكز الثقافية في الحرمين الشريفين لعرض تاريخهما وأثارهما العظيمة.
كما تم ترميم العديد من المعالم التاريخية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي وسور المدينة، وإعادة إحياء بعض الأحياء التاريخية مثل حي الشامية في جدة وحي العوالي في مكة المكرمة، بهدف الحفاظ على تراث المدينة وإرثها الحضاري العريق.
تواصل المملكة العربية السعودية جهودها في تطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتوفير أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، إيمانًا منها بمسؤوليتها في خدمة الإسلام والمسلمين، وتوفير أقصى درجات الراحة والأمان لزوار بيت الله الحرام وروضة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتعد هذه الجهود ثمرة للرعاية الكريمة التي يوليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وحرصه الدائم على تطويرها وتوفير أرقى الخدمات لضيوف الرحمن.