جامع بن عثيمين
يُعد الشيخ العلامة محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين رحمه الله (1347-1421 هـ) من أشهر علماء المسلمين في القرن الرابع عشر الهجري، وأحد كبار فقهاء الحديث وأصوله في عصره، اشتهر بتفسيره المتميز للقرآن الكريم “تفسير ابن عثيمين” والذي حظي بشهرة واسعة وانتشار كبير.
نشأته وتعلمه
ولد الشيخ ابن عثيمين في مدينة عنيزة في نجد، نشأ يتيم الأب وتربّى في كنف والدته وأخيه الأكبر، وكان منذ صغره مولعاً بحفظ القرآن الكريم وتعلم العلوم الشرعية، فحفظ القرآن كاملاً وهو ابن عشر سنوات، وبدأ في طلب العلم مبكراً، حيث أخذ عن كبار علماء عصره.
تتلمذ الشيخ ابن عثيمين على يد الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وغيرهم من كبار العلماء، وكان من أبرز طلابهم وأكثرهم اجتهاداً وإتقاناً، حتى أصبح مرجعاً في المسائل الفقهية والعقدية.
فقهه وعلمه
اشتهر الشيخ ابن عثيمين بفقهه الواسع، حيث كان مجتهداً بارعاً في استنباط الأحكام من نصوص الشرع، وكان على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، غير أنه كان يتحلى بالسعة الفقهية وسعة الأفق، فلا يتعصب لمذهب معين، بل يأخذ من مذاهب العلماء ما يراه أقرب إلى الصواب.
تميز الشيخ ابن عثيمين بعلمه الغزير في علوم الحديث وأصوله، وكان من أبرز المتخصصين في السنن الستة، حيث كان يحفظها عن ظهر قلب، وكان له إلمام كبير بكلام النقاد ورواة الحديث، فكان مرجعاً في تصحيح الأحاديث والتعليق عليها.
دروسه ومحاضراته
اشتهر الشيخ ابن عثيمين بكثرة دروسه ومحاضراته في المساجد والجامعات والمناسبات الدينية، وكان له حضور جماهيري كبير، حيث كان يتميز بأسلوبه السهل الممتنع في إيصال المعلومات الشرعية، وكان يتحدث بعبارات واضحة وبسيطة حتى يفهمه الجميع.
كان الشيخ ابن عثيمين يحرص على إلقاء الدروس اليومية في تفسير القرآن الكريم، وكان يخصص دروسه أيام الجمع لتدريس العقيدة والتوحيد، كما كان يلقي دروسه في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
فتاواه وآراؤه
اشتهر الشيخ ابن عثيمين بفتاواه وآرائه الفقهية والعقدية، وكان له فتاوى كثيرة في مختلف المسائل والقضايا الشرعية، وكان يتحلى بالاعتدال والحكمة في إصدار الأحكام، ويتجنب التشدد والغلو.
كان الشيخ ابن عثيمين من أشد المدافعين عن السنة والجماعة، وكان يحارب البدع والضلالات التي تنال من العقيدة الصحيحة، وكان من أبرز علماء الدعوة السلفية في القرن الرابع عشر الهجري.
مؤلفاته
ترك الشيخ ابن عثيمين وراءه تراثاً علمياً غزيراً من المؤلفات والكتب في مختلف العلوم الشرعية، ومن أشهر مؤلفاته: تفسير القرآن الكريم “تفسير ابن عثيمين”، وكتاب “رياض الصالحين”، وكتاب “الشرح الممتع على زاد المستقنع”، وكتاب “فتاوى ورسائل وأجوبة”.
تُرجمت مؤلفات الشيخ ابن عثيمين إلى العديد من اللغات، وطبعت ونشرت في مختلف البلدان العربية والإسلامية، ويستفيد منها المسلمون في كل مكان.
تلاميذه وآثاره
تتلمذ على الشيخ ابن عثيمين عدد كبير من العلماء والطلاب، وكان لهم دور كبير في نشر علمه وفكره، ومن أشهر تلاميذه: الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد الله بن محمد المطلق.
كان لجامع بن عثيمين أثر كبير على الأمة الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري، فقد كان من أبرز علماء السنة والجماعة، ودافع عن العقيدة الصحيحة، ونشر العلم الشرعي الصحيح، وحارب البدع والضلالات، تاركًا خلفه ثروة علمية عظيمة.