الجلسات الأرضية الشعبية: تقاليد عريقة في الثقافة العربية
لطالما احتلت الجلسات الأرضية مكانة مميزة في الثقافة العربية، وهي عادة متوارثة عبر الأجيال تمارس في المناسبات الاجتماعية والتجمعات العائلية. تتميز هذه الجلسات بطابعها البسيط والدافئ، حيث تتجمع العائلات والأصدقاء على الأرض حول صينية أو مائدة منخفضة، ويتبادلون الأحاديث والضحكات والقصص.
أهمية الجلسات الأرضية الشعبية
تكتسب الجلسات الأرضية الشعبية أهمية كبيرة في المجتمع العربي، فهي تعبر عن:
- الترابط الأسري: حيث توفر هذه الجلسات فرصة للأفراد لقضاء الوقت مع بعضهم البعض وتعزيز الروابط العائلية.
- المحافظة على التراث: تمثل الجلسات الأرضية جزءًا من التراث العربي الثقافي، وهي ترمز إلى القيم والأنماط الاجتماعية التي حافظت عليها المجتمعات العربية على مدى قرون.
- الراحة والاسترخاء: تضفي الجلسات الأرضية جوًا مريحًا واسترخائيًا، حيث يمكن للأفراد الجلوس بشكل مريح والتواصل بحرية دون القلق بشأن البروتوكولات أو الأعراف الرسمية.
أنواع الجلسات الأرضية الشعبية
توجد أنواع مختلفة من الجلسات الأرضية الشعبية، لكل منها طابعها المميز، ومنها:
الجلسة الديوانية
تُعقد هذه الجلسة في ديوان أحد كبار العائلة أو المجتمع، ويُخصص للاجتماعات المهمة ومناقشة الشؤون الاجتماعية والسياسية.
تتميز الجلسة الديوانية بجديتها ووقارها، حيث يلتزم الحاضرون بقواعد آداب الحديث واحترام وجهات نظر الآخرين.
غالبًا ما تُقدم في هذه الجلسات القهوة العربية والبخور والتمور، وهي رمز للكرم والضيافة العربية الأصيلة.
جلسة الأهل والمقربين
تُعقد هذه الجلسة بين أفراد العائلة والأصدقاء المقربين، وتتميز بطابعها العفوي والمرح.
يغلب على جلسة الأهل والمقربين الأحاديث الخفيفة والألعاب الشعبية والضحكات، وتُقدم فيها عادة الأطعمة والحلويات التقليدية.
تعزز هذه الجلسات روابط المحبة والتآلف بين أفراد العائلة، وتعتبر مناسبة لتبادل الذكريات والقصص.
جلسة السمر
تُقام جلسة السمر في ليالي الشتاء الباردة، وتتميز بطابعها القصصي والترفيهي.
يجتمع الأفراد حول نار دافئة أو موقد، ويتناوبون على سرد القصص والحكايات الشعبية التي تنتقل من جيل إلى جيل.
تُعتبر جلسة السمر وسيلة لتسلية الوقت وقضاء ليالي الشتاء الطويلة في جو من الدفء والمتعة.
جلسة المجلس النسائي
تخصص جلسة المجلس النسائي للنساء فقط، وتُعقد في منزل إحدى السيدات أو في مكان خاص.
تتناول النساء في هذه الجلسة أمورهن الخاصة والاجتماعية، ويتبادلن الخبرات والوصفات الشعبية.
تُقدم في جلسة المجلس النسائي عادةً القهوة العربية والمشروبات التقليدية، بالإضافة إلى أطباق الحلويات والمكسرات.
جلسة مجلس الشباب
تُخصص هذه الجلسة للشباب، وتُعقد في أماكن عامة أو خاصة مثل المقاهي والمراكز الشبابية.
يناقش الشباب في جلسة المجلس النسائي قضاياهم وهمومهم ومخططاتهم المستقبلية، كما يتبادلون الآراء والأفكار.
تُساهم جلسة مجلس الشباب في تطوير مهارات الشباب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
جلسة مجلس الشيوخ
تُعقد هذه الجلسة لكبار السن في المجتمع، وتُعرف أيضًا باسم “جلسة القهوة”.
يتبادل كبار السن في جلسة مجلس الشيوخ ذكرياتهم وخبراتهم الحياتية، ويناقشون الأحداث الجارية.
تُعتبر جلسة مجلس الشيوخ وسيلة للحفاظ على حكمة وتراث كبار السن، ولإظهار التقدير والاحترام لهم.
التقاليد والعادات في الجلسات الأرضية الشعبية
تتبع الجلسات الأرضية الشعبية مجموعة من التقاليد والعادات التي تُعبر عن الموروث الشعبي العربي، ومنها:
التحية والترحيب
يحرص الأفراد عند دخولهم الجلسة الأرضية على تحية الحاضرين وتبادل السلام والمجاملات.
غالبًا ما تُقدم القهوة أو الشاي للضيوف كرمز للترحيب والحفاوة.
الجلوس على الأرض
تتميز الجلسات الأرضية الشعبية بأنها تُعقد على الأرض، حيث يجلس الأفراد على مخدات أو سجاد، أو على فرش يفرش على الأرض.
يعكس هذا التقليد روح التواضع والمساواة بين الحاضرين، ويُظهر مدى راحتهم في الجلسة.
الصينية التقليدية
تُقدم في الجلسات الأرضية الشعبية عادةً الصينية التقليدية، وهي عبارة عن صينية كبيرة من النحاس أو الألمنيوم تُوضع على الأرض.
تُقدم على الصينية المشروبات والمرطبات والحلويات والأطعمة الخفيفة.
آداب الحديث
تُراعى في الجلسات الأرضية الشعبية آداب الحديث، حيث يحرص الحاضرون على التحدث باحترام وتجنب مقاطعة الآخرين.
وتُقدر في هذه الجلسات الآراء المختلفة، ويأخذ الجميع دورهم في المشاركة.
ختام
تعتبر الجلسات الأرضية الشعبية جزءًا لا يتجزأ من الثقافة العربية، وهي رمز للتراث والقيم الأصيلة. توفر هذه الجلسات فرصة للأفراد للتواصل والترابط والترفيه وقضاء أوقات ممتعة. ومن خلال الحفاظ على الجلسات الأرضية الشعبية وتقاليدها وعاداتها، نُساهم في الحفاظ على موروثنا الثقافي وإثرائه للأجيال القادمة.