الحكمة من منظور الإسلام
وُصفت الحكمة بأنها الكنز الذي لا يفنى، والجوهرة التي لا تضاهى، إنها مفتاح الفلاح الدنيوي والأخروي، ودليل الرشاد في طريق الهداية، وسبب النجاح في شتى مناحي الحياة.
مفهوم الحكمة في الإسلام
الحكمة في الإسلام هي العلم النافع المصحوب بالعمل الصالح، وهي فهم الأمور على حقيقتها، ومعرفة ما ينبغي فعله في كل موقف، وقول القول الموزون في الوقت المناسب.
والحكمة صفة خص بها الله -تعالى- نبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بقوله: وَآتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقُلْنَا أَنِ احْكُمَا بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعَا الْهَوَى فَيُضِلَّكُمَا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنبياء: 79].
الحكمة والإيمان
الحكمة والإيمان قرينان لا يفترقان، فالحكمة ثمرة من ثمار الإيمان، والإيمان نور يضيء الطريق إلى الحكمة، فالمؤمن الحقيقي حكيم في أقواله وأفعاله، ولا ينطق إلا بالصواب، ولا يفعل إلا ما يحمد عليه.
قال -صلى الله عليه وسلم-: “من يُرِد الله به خيرًا يفقهه في الدين” [البخاري].
الحكمة والعبادة
عبادة الله -تعالى- سبب رئيسي من أسباب نيل الحكمة، فالعبادة تربي النفس على السمو والانضباط، وتحث على التفكر والتدبر في آيات الله -عز وجل-، وهذا كله يؤدي إلى اكتساب الحكمة.
قال -صلى الله عليه وسلم-: “لا تعجز عن الحكمة من رزقها العبادة” [الطبراني في الأوسط].
الحكمة والمعرفة
المعرفة غذاء العقل، والحكمة ثمرتها، فكلما زادت معرفة المرء زادت حكمته، والعلم النافع أحد أهم مظاهر الحكمة، لأنه يمنح صاحبه قدرة على فهم الأمور وتحليلها واتخاذ القرارات السليمة.
قال -صلى الله عليه وسلم-: “العلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان، وخير العلم علم الأديان” [ابن ماجه].
الحكمة والتجربة
التجربة معلم قاسٍ، لكنه حكيم، فمن خلال تجارب الحياة يكتسب المرء حكمة ثمينة، لا يمكن أن ينالها من الكتب أو المواعظ وحدها.
وقال الشاعر: “وإن المرء لا ينفك من أن يرى عجبًا، وتلك التجارب في الحياة دروس”.
الحكمة في السياسة
الحكمة مطلوبة في كل المجالات، ولا سيما في السياسة، فالسياسة الحكيمة هي التي تحقق مصالح الشعوب، وتدفع عجلة التنمية إلى الأمام، وتسعى جاهدة إلى إرساء العدل وإحقاق الحق.
قال الإمام علي -رضي الله عنه-: “الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها”.
الحكمة في الاقتصاد
الحكمة مطلوبة أيضًا في الاقتصاد، فالحكمة في إدارة الشؤون الاقتصادية تؤدي إلى رخاء الشعوب وازدهارها، وتجنب وقوع الأزمات المالية والاقتصادية.
وقال سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “لا تُعطوا الحكمة غير أهلها، فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم”.
الحكمة في إدارة الوقت
الحكمة مطلوبة في إدارة الوقت، فالحكيم يستثمر وقته فيما ينفعه في دنياه وآخرته، ويتجنب تضييع الوقت في ما لا طائل من ورائه.
وقال الشاعر: “رب ساعة من نهارٍ أو ليلٍ، قادني فيها إلى رشدٍ وفوز”.
الحكمة في الحديث
الحكمة مطلوبة في الحديث، فالحديث الحكيم هو الذي يفيد سامعه ويُغنيه، ويترك أثرًا طيبًا في نفسه، ويتجنب الحكيم الكذب والغيبة والنميمة.
وقال الشاعر: “كلامك منك لا لك، فاحذر ما تقول، فعند اللسان قلبٌ يقول”.
الحكمة في التعامل مع الناس
الحكمة مطلوبة في التعامل مع الناس، فالحكيم هو الذي يعرف كيف يتعامل مع كل شخص بما يناسبه، ويتجنب الإساءة إلى الآخرين، ويسعى جاهداً لإصلاح ذات البين.
وقال الشاعر: “ليس الكريم من يحلّق في السما، بل الكريم من يعامل الناس كرما”.
خاتمة
الحكمة هي الكنز الذي لا يفنى، وهي مفتاح النجاح والتوفيق في الحياة الدنيا والآخرة، وهي صفة خص بها الله -تعالى- نبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي قرين الإيمان لا يفترقان، وثمار العبادة، وغذاء العقل، وعبرة التجارب، ومصباح السياسة، ومنار الاقتصاد، ومنظم الوقت، وسياسة الحديث، ونهج التعامل مع الناس.