خير ما قلت أنا والنبيون
المقدمة
كلمة النبي هي كلام الله تعالى الموحى به إلى رسله وأنبيائه، أما كلامنا نحن البشر فهو كلام محدود وضيق، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ [النجم: 3-5]
ورغم أن كلامنا محدود، إلا أن الله تعالى جعل فيه خيراً كثيراً، وجعل فيه نافعاً وضاراً، وجعل فيه شفاء ومرضاً، وحدد لنا ضوابط وموازين للقول السليم والمباح والمحرم.
فضل الكلام الطيب
أمرنا الله تعالى بالإكثار من الكلام الطيب، وجعله سبباً لدخول الجنة، فقال تعالى: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الكلمة الطيبة صدقة”.
والكلام الطيب يشمل كل ما فيه نفع أو سرور للمسلم، وهو يشمل قول كلمة الحق، وقول كلمة العدل، وقول كلمة الإحسان، وقول كلمة الرحمة، وقول كلمة اللين، وقول كلمة التشجيع، وقول كلمة التهاني، وقول كلمة العزاء، وقول كلمة الوفاء، وقول كلمة التوبة، وقول كلمة الاستغفار، وقول كلمة الشكر، وقول كلمة الحمد.
وقد حثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على كثرة الكلام الطيب، فقال: “أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام”.
آداب الكلام الطيب
حدد لنا الإسلام مجموعة من الآداب للكلام الطيب، منها:
- أن يكون الكلام بالحق والعدل والإحسان.
- أن يكون الكلام رفيقاً بالقلوب.
- أن يكون الكلام خالياً مما يشين سامعه أو متحدثه.
- أن يكون الكلام في موضعه المناسب.
- أن يكون الكلام بالقدر المناسب.
- أن يكون الكلام خالياً من الغيبة والنميمة.
فضل الكلام النافع
فضل الله تعالى الكلام النافع، وجعله سبباً لرفع الدرجات، فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ أُولَئِكَ لَهُمُ الْجَنَّةُ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [العصر: 10-11].
والكلام النافع هو كل كلام فيه علم أو حكمة أو فائدة، وهو يشمل قول كلمة التوجيه، وقول كلمة الدعوة، وقول كلمة النصح، وقول كلمة الإرشاد، وقول كلمة التذكير، وقول كلمة التربية.
وقد حثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على كثرة الكلام النافع، فقال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”.
آداب الكلام النافع
حدد لنا الإسلام مجموعة من الآداب للكلام النافع، منها:
- أن يكون الكلام علمياً أو حقيقياً أو مفيداً.
- أن يكون الكلام نابعاً من القلب ومن نية إصلاح.
- أن يكون الكلام مناسباً لمستمعيه.
- أن يكون الكلام في وقته المناسب.
- أن يكون الكلام خالياً من الحشو والتطويل.
- أن يكون الكلام متناسباً مع أهمية الموضوع.
فضل الكلام في وقت الضرورة
أمرنا الله تعالى بالكلام في وقت الضرورة، وجعله سبباً لحصول العون والمساعدة، فقال تعالى: ﴿وَوَاصِبْرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: 28].
والكلام في وقت الضرورة يشمل كل كلام فيه طلب للمساعدة أو الإغاثة أو النجاة، وهو يشمل قول كلمة الاستغاثة، وقول كلمة الدعاء، وقول كلمة النجدة، وقول كلمة النداء.
وقد حثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على الكلام في وقت الضرورة، فقال: “إذا نادى المؤذن فاستجيبوا له”.
آداب الكلام في وقت الضرورة
حدد لنا الإسلام مجموعة من الآداب للكلام في وقت الضرورة، منها:
- أن يكون الكلام في حدود الضرورة.
- أن يكون الكلام خالياً من المبالغة أو التهويل.
- أن يكون الكلام مناسباً للوضع الذي يستدعي الضرورة.
- أن يكون الكلام موجه إلى الجهة القادرة على تقديم المساعدة.
- أن يكون الكلام خالياً من الشكوى والتذمر.
- أن يكون الكلام متناسباً مع أهمية المساعدة المطلوبة.
فضل الكلام الصادق
فضل الله تعالى الكلام الصادق، وجعله سبباً لدخول الجنة، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119].
والكلام الصادق هو كل كلام مطابق للواقع والحقيقة، وهو يشمل قول كلمة الحق، وقول كلمة العدل، وقول كلمة الإحسان، وقول كلمة الرحمة، وقول كلمة الوفاء، وقول كلمة الاستغفار، وقول كلمة الشكر.
وقد حثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على كثرة الكلام الصادق، فقال: “صدق الحديث، وأد الأمانة، واحفظ العهد”.
آداب الكلام الصادق
حدد لنا الإسلام مجموعة من الآداب للكلام الصادق، منها:
- أن يكون الكلام مطابقاً للواقع.
- أن يكون الكلام خالياً من المبالغة أو التهويل.
- أن يكون الكلام مناسباً للموقف الذي يتطلب الصدق.
- أن يكون الكلام مقبولاً من السامعين.
- أن يكون الكلام متناسباً مع أهمية الحقيقة المراد إيصالها.
- أن يكون الكلام خالياً من الغش أو الخداع.
الخاتمة
الكلام الطيب والنافع والصادق هو من أفضل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وأنبياء الله جميعاً، وقد أمرنا الله تعالى والإسلام بمراقبة أقوالنا وأفعالنا، وأن نكون حريصين على قول الخير والصدق في كل وقت.
ولا ننسى وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”.
فنسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً إلى خير القول والعمل.