رب لا تعلق قلبي بما ليس لي

رب لا تعلق قلبي بما ليس لي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

مقدمة

الدعاء هو الصلة بين العبد وربه، وهو وسيلة للتعبير عن احتياج العبد إلى خالقه، وخوفه ورجائه منه تعالى، كما أنه وسيلة لتحقيق الأمنيات وقضاء الحوائج، ومن أجمل الأدعية التي وردت في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿رَبِّ لاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾ [غافر: 5].

ما معنى “رب لا تعلق قلبي بما ليس لي”؟

“رب لا تعلق قلبي بما ليس لي” دعاء يطلب فيه العبد من الله تعالى أن يصرف قلبه عن التعلق بما لا يملكه، وبما لا فائدة فيه، وبما لا يجلب له السعادة والطمأنينة.

والتعلق بالدنيا من أسباب الشقاء والتعاسة في الدنيا والآخرة، فالعبد عندما يتعلق قلبه بالدنيا يفقد متعته الحقيقية في الحياة، ويغفل عن ذكر الله تعالى، ويفقد الراحة والطمأنينة، وقد يقع في المعاصي والآثام من أجل تحقيق مآربه الدنيوية.

وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ﴾ [الشورى: 20].

أسباب التعلق بما ليس لنا

هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى تعلق القلب بما لا ينفع، ومن أهمها:

1. الجهل بحقيقة الدنيا وزوالها، واعتقادها دار بقاء واستقرار.
2. قلة الإيمان بالله تعالى، وعدم الثقة بأنه الرزاق المعطي المانع.
3. الإعجاب بالنفس والغرور بها، واعتقاد أنها تستحق كل شيء.
4. ضعف العبودية، والابتعاد عن ذكر الله تعالى وعبادته.
5. الوقوع في حب المال والشهوات، واعتبارها غاية الحياة.
6. قلة الرضا بما قسمه الله تعالى، والتطلع الدائم إلى ما في أيدي الآخرين.
7. الفقر وحب الدنيا.

آثار التعلق بما ليس لنا

للتعلق بما ليس لنا آثار سلبية عديدة على العبد، ومن أهمها:

1. الشقاء والتعاسة في الدنيا والآخرة.
2. فقدان متعة الحياة الحقيقية، والغفلة عن ذكر الله تعالى.
3. ضعف الإيمان، وعدم الثقة بالله تعالى.
4. الوقوع في المعاصي والآثام، من أجل تحقيق مآرب الدنيا.
5. الحسد والتنافس على الدنيا، والعداوة والبغضاء بين الناس.
6. الابتعاد عن العبادة والطاعات، والانشغال التام بالدنيا.
7. عدم الرضا بما قسمه الله تعالى، والتطلع الدائم إلى ما في أيدي الآخرين.

كيفية التخلص من التعلق بما ليس لنا

هناك العديد من الطرق التي تساعد على التخلص من التعلق بما لا ينفع، ومن أهمها:

1. التفكر في حقيقة الدنيا وزوالها، وأنها دار اختبار وابتلاء.
2. تقوية الإيمان بالله تعالى، والثقة بأنه هو الرزاق المعطي المانع.
3. تربية النفس على الزهد في الدنيا، والتعلق بالآخرة.
4. الإكثار من ذكر الله تعالى وعبادته، والمداومة على قراءة القرآن الكريم.
5. البعد عن حب المال والشهوات، والاعتزاز بالنفس.
6. الرضا بما قسمه الله تعالى، والتطلع إلى ما عنده من خير.
7. التفكر في عواقب التعلق بالدنيا، وما يترتب عليه من شقاء وتعاسة.

علاج التعلق بما ليس لنا

إذا أصيب العبد بداء التعلق بما لا ينفع، فلا بد له من المسارعة إلى علاجه، ومن أهم طرق العلاج:

1. الدعاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه أن يصرف القلب عن التعلق بالدنيا.
2. المداومة على قراءة القرآن الكريم، والتدبر في آياته التي تحذر من التعلق بالدنيا.
3. الجلوس مع العلماء والزهاد، والاستماع إلى مواعظهم وتوجيهاتهم.
4. البعد عن مجالسة أهل الدنيا، والذين يفتخرون بما لديهم من متاع الدنيا.
5. التذكر الدائم للموت، وأن الدنيا دار فانية.
6. التفكر في عواقب التعلق بالدنيا، وما يترتب عليه من شقاء وتعاسة.
7. الزهد في الدنيا، والتعلق بالآخرة.

نتائج التخلص من التعلق بما ليس لنا

للتخلص من التعلق بما ليس لنا آثار إيجابية عديدة على العبد، ومن أهمها:

1. السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة.
2. متعة الحياة الحقيقية، والتعلق بالله تعالى.
3. قوة الإيمان، والثقة بالله تعالى.
4. الابتعاد عن المعاصي والآثام، والانشغال بعبادة الله تعالى.
5. الحب في الله، ومساعدة الآخرين.
6. الرضا بما قسمه الله تعالى، والتطلع إلى ما عنده من خير.

خاتمة

الدعاء إلى الله تعالى أن يصرف قلبنا عن التعلق بما لا ينفع، هو من أفضل الأدعية التي يمكن أن يطلبها العبد من ربه، ففي التخلص من التعلق بالدنيا سعادة وراحة وطمأنينة، وفي التعلق بالله تعالى خير الدنيا والآخرة، فاللهم رب لا تعلق قلبي بما ليس لي، واصرف قلبي إلى ما عندك من خير.