الرِّفق بالإنْسان
يُعدُّ الرِّفق بالإنْسان من أهمِّ القِيَم الإنسانيَّة التي يجب أن يتحلى بها كلُّ فرد، فهو خلقٌ نبيلٌ يُعَبِّر عن مدى تحضُّر ورقيِّ المجتمعات والأفراد، وهو خلقٌ يحثُّ عليه الدين الإسلاميُّ الحنيفُ، وقد حثَّ النبيُّ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- على الرِّفق بالآخرين، فقال: “الرَّاحمون يرحمهم الرَّحمن، ارحموا أهلَ الأرض يرحمكم أهلُ السماء”، وفي موضوعنا هذا سنتناول أهميَّة الرِّفق بالإنْسان وآثاره الإيجابيَّة على الفرد والمجتمع، بالإضافة إلى بيان مظاهر الرِّفق التي ينبغي أن يتحلى بها الجميع.
مظاهر الرِّفق بالإنْسان
يتجلَّى الرِّفق بالإنْسان في العديد من المظاهر، منها:
- اللِّين في القول: ويتمثَّل ذلك في استخدام الألفاظ اللَّطيفة التي لا تؤذي مشاعر الآخرين، والكفِّ عن الكلام الجارح أو المهين.
- التَّبسم في وجه الآخرين: فالبِشاشة وسعة الصَّدر من أهمِّ علامات الرِّفق، وهي تبعث في النفوس السُّرور والطمأنينة.
- العفو والصَّفح: فإذا أخطأ إنسانٌ بحقِّكَ، فسامحه واعفُ عنه، فالصَّفح من أسمى مراتب الرِّفق.
أهميَّة الرِّفق بالإنْسان
وتكمن أهميَّة الرِّفق بالإنْسان فيما يلي:
- خلق بيئة اجتماعيَّة إيجابيَّة: يساهم الرِّفق في تهيئة بيئة اجتماعيَّة إيجابيَّة يسودها الاحترام والتَّعاون والمودة، وتخلو من العنف والظُّلم.
- تقوية العلاقات الإنسانيَّة: إنَّ الرِّفق يُقوِّي العلاقات الإنسانيَّة ويُوطِّد أواصر المحبَّة بين الأفراد، ويُساعد على بناء الثِّقة المتبادلة بينهم.
- تحقيق السَّعادة والرَّاحة النفسيَّة: يترافق الرِّفق بالإنْسان مع تحقيق السَّعادة والرَّاحة النفسيَّة للفرد، فالشَّخص الرَّفيق يشعر بالرضى عن نفسه وعن تصرفاته.
آثار الرِّفق الإيجابيَّة على الفرد والمجتمع
ينعكس الرِّفق بالإيجاب على الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء، فمن آثاره:
- نشر الأمل والتفاؤل: يسود الأمل والتفاؤل المجتمعات التي يتحلى أفرادها بالرِّفق، فتنتشر فيه البِشاشة والطمأنينة والسَّعادة.
- حدٌّ من العنف والجريمة: يحدُّ الرِّفق من العنف والجريمة، حيث يسود التَّعاون والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع، ممَّا يقلِّل من معدَّلات العنف والاعتداء.
- تعزيز التَّسامح والقبول: يُعزِّز الرِّفق التَّسامح والقبول بين الأفراد، ممَّا يقلِّل من التوترات والصِّراعات الاجتماعيَّة.
الرِّفق في الدِّين الإسلامي
يُعنِي الرِّفق في الإسلام إحسان المعاملة واللِّين في القول مع النَّاس، وقد حثَّ الإسلام على الرِّفق بكلِّ مَنْ يعيش على الأرض، حتى الحيوانات، فعن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: “مَا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ”.
ووردت العديد من الآيات والأحاديث التي تحثُّ على الرِّفق، ومنها قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: “الرَّحماء يرحمهم الرَّحمن، ارحموا أهلَ الأرض يرحمكم أهلُ السماء”.
موانع الرِّفق
هناك بعض العوائق التي تحول دون إظهار الرِّفق، ومنها:
- الغلظة والخشونة: فقد يتصف بعض الأفراد بالغلظة والخشونة في التعامل مع الآخرين، ممَّا يمنعهم من إظهار الرِّفق.
- الأنانيَّة: تُعيق الأنانية الرِّفق، فالشَّخص الأناني لا يفكِّر إلا في نفسه ولا يهتم لمشاعر الآخرين.
- الجهل: قد ينتج الرِّفق عن الجهل بطُرق التعامل الرَّفيق مع الآخرين، ممَّا يتطلَّب التعلُّم والاطلاع على آداب التعامل.
طرق اكتساب الرِّفق
لتحقيق الرِّفق في المجتمع، يجب اتِّباع الخطوات التَّالية:
- التربية: يُعدُّ تربية الأطفال على الرِّفق من أهمِّ الأسُس لإنشاء جيلٍ رفيقٍ، وذلك من خلال تعويدهم على استخدام ألفاظ اللطف واللين، وإبعادهم عن العنف والظُلم.
- التَّأسِي بالنبيِّ الكريم: يُعدُّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قدوةً في الرِّفق، فكان رفيقًا في أقواله وأفعاله، لذا يجب التَّأسِي به في التعامل مع الآخرين.
- ممارسة الرِّفق: لتصبح رفيقًا، يجب أن تمارس الرِّفق في تعاملك مع الآخرين، سواءً في أقوالك أو أفعالك، فكلُّما زادت ممارسة الرِّفق، كلَّما أصبح جزءًا من شخصيَّتك.
الخاتمة
الرفق بالناس خلق نبيل يُعبر عن مدى تحضر ورقي المجتمعات والأفراد، وقد حث عليه الدين الإسلامي الحنيف، لما له من أهمية كبيرة في تهيئة بيئة اجتماعية إيجابية قائمة على الاحترام والتسامح والتعاون، كما يساهم الرِّفق في تحقيق السعادة والراحة النفسية للفرد، ويحد من العنف والجريمة في المجتمع، لذا يجب على جميع الأفراد التحلي بالرِّفق في التعامل مع الآخرين، ونشر قيم الرِّفق في المجتمعات، وذلك من خلال التربية والقدوة وممارسة الرِّفق.