الدنيا دار فانية
الدنيا دار فانية لا تدوم لأحد، وإنما هي متاع الغرور، وزهرة إلى ذبول، وظل إلى زوال. قال تعالى: اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الدنيا بأنها سجن المؤمن وجنة الكافر، فالمؤمن فيها مكروه محبوس يتوق إلى لقاء ربه، والكافر فيها مستمتع منغمس في لذاتها غافل عن عاقبته.
وكم من إنسان تعلق بالدنيا فأغرقته في بحور الشهوات والملذات، وأنساه ذكر ربه وآخرته، حتى إذا جاءه الموت ندم على تفريطه وضاع سعيه.
قصر الدنيا
والدنيا قصيرة جداً مهما طالت، فما هي إلا ساعات تمر كلمح البصر، ثم ينتهي كل شيء. قال تعالى: وإنما الحياة الدنيا متاع الغرور. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مثل الدنيا مثل ظل شجرة استظل بها رجل ساعة من النهار ثم مضى وتركها”.
وكم من إنسان قضى عمره في جمع المال وبناء المنازل وتحصيل الجاه، فلما جاءه الموت ترك كل شيء وراءه، ولم ينفعه ماله ولا جاهه ولا ولده.
فيا أيها الإنسان لا تغتر بمتاع الدنيا الفاني، ولا تتعلق بها، فما هي إلا ظل زائل ومتاع غرور.
{|}
فناء الدنيا
والدنيا فانية لا تبقى على أحد، فكل ما فيها معرض للفناء والزوال. قال تعالى: كل شيء هالك إلا وجهه. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “كل ابن آدم يأكل ويشرب ويموت وينكح ويبني وينسل ويجمع المال، والجميع يصير ترابا”.
وكم من إمبراطورية عظيمة زالت واندثرت، وكم من مدينة عامرة خربت وذهبت، وكم من إنسان عظيم مات وانتهى أثره.
فيا أيها الإنسان لا تثق بالدنيا الفانية، ولا تعتمد عليها، فما هي إلا دار ممر لسنا فيها إلا غرباء.
زوال نعيم الدنيا
{|}
وإن زينة الدنيا ونعيمها لا يدومان، فسرعان ما يزولان وينقلبان إلى بلاء وشقاء. قال تعالى: إنما متاع الحياة الدنيا لعب ولهو وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما الدنيا في الآخرة إلا كما يحط أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع”.
وكم من إنسان كان يتمتع بنعيم الدنيا وصحتها وماله، ثم أصابه مرض أو مصيبة فغيرت حياته رأساً على عقب.
فيا أيها الإنسان لا تغتر بزينة الدنيا الفانية، ولا تنشغل بها عن زينة الآخرة الباقية.
حقيقة الدنيا
{|}
والدنيا دار ابتلاء واختبار، يبتلي الله تعالى بها عباده ليميز الخبيث من الطيب. قال تعالى: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر”.
وكم من إنسان ابتلاه الله تعالى بالفقر والمرض والهموم، فصبر واحتسب، فكان ابتلاؤه خيراً له في الدنيا والآخرة.
فيا أيها الإنسان لا تتذمر من ابتلاء الدنيا، بل اصبر واحتسب، فما هي إلا دار اختبار يرفع الله تعالى بها درجات عباده.
زهد العلماء في الدنيا
وكم من عالم زاهد في الدنيا، لا يلتفت إلى زينتها ومتاعها، بل يعيش عيشة الفقراء والمساكين. قال تعالى: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أفضل العبادة الزهد في الدنيا”.
وكم من عالم جليل ترك الدنيا وما فيها، وعاش في زاوية يعبد الله تعالى ويطلب العلم، حتى صار من أولياء الله الصالحين.
فيا أيها الإنسان اتعظ بزهد العلماء في الدنيا، ولا تكن من الغافلين عنها.
{|}
الاستعداد للآخرة
{|}
فيا أيها الإنسان لا تغفل عن الاستعداد للآخرة، فما هذه الدنيا إلا مزرعة للآخرة. قال تعالى: وأن الآخرة هي دار القرار. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه”.
فيا أيها الإنسان اغتنم الفرصة قبل فوات الأوان، وأعد نفسك للقاء الله تعالى، بالتقوى والإيمان والعمل الصالح.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا حب الآخرة والزهد في الدنيا، وأن يجعلنا من أهل الجنة.