سبحان الله وبحمده
يُعد التسبيح من أعظم وأجلّ العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى خالقه سبحانه، وهو عبادة عظيمة ومقام جليل لا يدرك فضله إلا الله تعالى، والتسبيح في اللغة هو تنزيه الله تعالى عن كل نقص أو عيب، وأما في اصطلاح أهل العلم فهو ذكر الله تعالى بقول سبحان الله، أو سبحان ربي العظيم، أو سبحان الحي القيوم، ونحو ذلك.
فضل التسبيح
ورد في فضل التسبيح الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ومن ذلك:
قول الله تعالى: “فسبح باسم ربك العظيم”، قال ابن كثير في تفسيره: هذا أمر بالتسبيح لله تعالى، أي سبح باسم الله الأعظم، وهو الله، وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال سبحان الله وبحمده، غُرست له نخلة في الجنة”، وفي حديث آخر قال: “من قال سبحان الله العظيم وبحمده، غُرست له نخلة في الجنة”، وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا معاذ! هل تدري ما حق الله على عباده؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: حقه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذبهم”.
أوقات التسبيح
ورد في الآثار الشرعية ما يدل على استحباب التسبيح في أوقات معينة، ومن ذلك:
التسبيح عند النوم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند نومه: “الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي”، والتسبيح بعد الصلاة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح بعد كل صلاة مائة مرة، والتسبيح عند الاستيقاظ من النوم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند استيقاظه من النوم: “الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور”.
ثمار التسبيح
للتسبيح ثمار كثيرة ومنافع عظيمة تعود على العبد في الدنيا والآخرة، ومن هذه الثمار:
قرب العبد من الله تعالى ومحبته له، فالتسبيح من أفضل القربات إلى الله تعالى، وهو من أحب الكلام إلى الله تعالى، كما أن التسبيح سبب لدخول الجنة، فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر”، والتسبيح سبب لزيادة الحسنات، فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة كتبت له مائة حسنة”.
آداب التسبيح
هناك بعض الآداب التي يجب أن يلتزم بها العبد عند التسبيح، ومن هذه الآداب:
الإخلاص لله تعالى، والتسبيح لله وحده لا شريك له، والخشوع والتذلل عند التسبيح، فالتسبيح عبادة عظيمة يجب أن تؤدى بخشوع وتذلل، والمحافظة على المداومة على التسبيح، وعدم الإكثار من الكلام عند التسبيح، والالتزام بالأوراد والأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتسبيح بصوت جميل، فالتسبيح عبادة لله تعالى ويجب أن يؤدى بصوت جميل يليق بجلال الله تعالى.
التسبيح في القرآن الكريم
ورد لفظ التسبيح وتوابعه في القرآن الكريم في أكثر من مائة آية، ومن هذه الآيات:
قول الله تعالى: “إن كل من في السماوات والأرض يسبح بحمد الله”، وقوله تعالى: “ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته”، وقوله تعالى: “وتسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن”، وقوله تعالى: “سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم”.
التسبيح في السنة النبوية
وردت في السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تحث على التسبيح وتبين فضله، ومن هذه الأحاديث:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: “سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته”، وقوله: “أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، والحمد لله رب العالمين، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”، وقوله: “من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر”.
التسبيح في أقوال السلف الصالح
قال الإمام الغزالي رحمه الله: “التسبيح من أفضل العبادات، وهو أول ما يقال في الجنة، وأول ما يقال عند دخولها”، وقال ابن القيم رحمه الله: “التسبيح من أنفع الذكر وأيسره، وهو من أفضل القربات وأجلها، وهو من أفضل الكلام، وهو نور للمتسبيح في الدنيا والآخرة”، وقال ابن تيمية رحمه الله: “التسبيح من أفضل العبادات وأعظمها، وهو من أسهل العبادات وأيسرها، وهو من أنفع العبادات وأكثرها ثوابًا”.
ختامًا
التسبيح من أفضل وأجل العبادات وأعظمها، وهو مفتاح الجنة وممحص للخطايا، وهو عبادة عظيمة تنبغي على كل مسلم أن يحرص عليها، ويواظب عليها، ويداوم عليها، فالتسبيح من أعظم القربات إلى الله تعالى وأحب الكلام إليه، وهو سبب لدخول الجنة ونيل رضا الله تعالى.