في ذمة الله ما ألقى وما أجد
في ذمة الله ما ألقى وما أجد، هذا القول المأثور يحمل في طياته الكثير من المعاني السامية والدلالات العميقة، والتي تتجلى في إيمان المسلم بالقدر، وتسليمه لأمر الله عز وجل، وقناعته التامة بأن كل ما يصيبه في هذه الحياة، سواء من خير أو شر، فهو من عند الله تعالى، ولا راد لقضائه.
إيمان الراسخ بالقدر
يؤمن المسلم بأن كل شيء في هذه الحياة مقدر بقدر الله عز وجل، وأن لا شيء يحدث إلا بعلمه وإرادته، قال تعالى: “إن كل شيء خلقناه بقدر” (القمر:49)، وقال أيضا: “وما أصابك من مصيبة فبما كسبت يداك ويعفو عن كثير” (الشورى:30).
فالمسلم يعلم أن ما يصيبه من خير أو شر، فهو نتيجة لأفعاله وأعماله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه” (رواه الترمذي).
التسليم لأمر الله
بعد الإيمان الراسخ بالقدر، يأتي التسليم لأمر الله عز وجل، وذلك لأن المسلم يدرك أن الله تعالى هو الحكيم العليم، وأنه يعلم ما لا يعلمون، قال تعالى: “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون” (البقرة:216).
فالمسلم يسلم أمره لله تعالى، ولا يتذمر أو يسخط على قضائه، قال تعالى: “فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكروب” (القلم:48).
الثقة في رحمة الله
رغم ما قد يصيب المسلم من مصائب ومشقات في هذه الحياة، إلا أنه يثق تمام الثقة برحمة الله تعالى، ويعلم أنه لن يضيعه أو يهلكه، قال تعالى: “وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير” (الأنعام:17).
فالمسلم يعلم أن الله تعالى هو أرحم الراحمين، وأنه لطيف بعباده، قال تعالى: “وكان بالمؤمنين رحيما” (الأحزاب:43).
الصبر على البلاء
من لوازم الإيمان بالقدر والتسليم لأمر الله تعالى، هو الصبر على البلاء والشدائد التي قد تصيب المسلم في حياته، قال تعالى: “والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون” (البقرة:177).
فالصبر على البلاء هو من أعظم العبادات وأجلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه” (رواه البخاري).
التوكل على الله
التوكل على الله تعالى هو من أهم وأجل العبادات، وهو بأن يعتمد المسلم على الله عز وجل في جميع أموره، ويثق به وحده في جلب النفع ودفع الضر، قال تعالى: “ومن يتوكل على الله فهو حسبه” (الطلاق:3).
فالمسلم يوقن بأن الله تعالى هو وحده القادر على إزالة البلاء، وجلب الفرج، قال تعالى: “وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون” (روم:33).
الأخذ بالأسباب
رغم الإيمان بالقدر، فإن الإسلام يحث المسلمين على الأخذ بالأسباب، والتدبير لحياتهم، وعدم التواكل والاتكال على ما يأتيهم من الله تعالى، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وأعدوا له ما استطعتم” (الأنفال:60).
فالمسلم لا يقعد عن العمل بحجة أنه مؤمن بالقدر، بل يسعى ويجتهد ويدبر لحياته، ويترك الأمر لله تعالى.
فائدة قول في ذمة الله ما ألقى وما أجد
للقول المأثور “في ذمة الله ما ألقى وما أجد” العديد من الفوائد، ومنها: