قصائد عن الدنيا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فالحياة الدنيا دارٌ لا بقاء فيها، وهي دارٌ امتحان وابتلاء، فمن عمل فيها بطاعة الله نجا برحمة الله من عذابه، ومن عمل فيها بمعصية الله تعالى فقد خسر الدنيا والآخرة.
وقد وعظنا الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز عن الدنيا وعن حقيقتها، قال جل من قائل: “اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرًا ثم يكون حطامًا وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور” (الحديد: 20).
وقال جل من قائل: “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب” (آل عمران: 14).
زهد العلماء في الدنيا
وقد زهد العلماء الأتقياء في الدنيا وزخارفها، وعرفوا حقيقتها، وعلموا أنها دارٌ لا بقاء فيها، فكانوا في الدنيا كأنهم غرباء، وباتوا فيها كأنهم ضيوف، منهم من قال:
“المال عُرضٌ حاضرٌ، والجاهُ ذلٌ سائرٌ، والولدُ رهينةٌ مُغتَرٌ بها”.
“والولدُ غصصٌ مُبتلى به، والزوجةُ مُنازعةٌ تُعصى أو تُطاع، والبناءُ سجنٌ مشغولٌ به”.”والمرأةُ شركٌ نص نصيب، والعبدُ وحشةٌ يقبح بها، والجارُ غُرمٌ يُخاف جانبه، وكثرةُ المال تُوجب الذل، والأولادُ تُورث الهم، والحشمُ تُورث الفقر، والنساءُ تُورث المهانة، والدنيا كلها تُورث الذل والمسكنة”.
العبرة بعواقب الأمور
ومن أراد أن يعتبر فلينظر في عواقب الأمور، وليتدبر في أحوال من مضى من الأمم قبله، قال الله تعالى: “ولقد أتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وءاتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئًا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين” (الجاثية: 16-19).
وقال جل من قائل: “وقد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين” (آل عمران: 137).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من سره أن ينظر إلى يوم القيامة فلينظر إلى عرفة والمزدلفة” (رواه البيهقي في شعب الإيمان).
ترك الشهوات
والشهوات هي من أكبر أسباب هلاك العباد، وهي من أعظم أسباب غضب الله -سبحانه وتعالى-، قال الله تعالى: “وإن تتبعوا أهواءهم من بعد ما جاءكم من العلم ما لكم من الله من ولي ولا نصير” (النساء: 113).
وقال جل من قائل: “وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون” (البقرة: 30).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه” (رواه أحمد والترمذي).
الصبر على البلاء
والبلاء من أعظم ما يصيب العبد، وهو من أعظم أسباب تكفير السيئات ورفع الدرجات، قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين” (البقرة: 153).
وقال جل من قائل: “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون” (البقرة: 155-157).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل” (رواه الترمذي).
ذكر الموت
وذكر الموت من أعظم ما يردع العبد عن المعاصي، ومن أعظم ما يحثه على الطاعات، قال الله تعالى: “كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون” (العنكبوت: 57).
وقال جل من قائل: “قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون” (الجمعة: 8).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أكثروا من ذكر هادم اللذات” (رواه الترمذي).
الاستعداد لدار الآخرة
والاستعداد لدار الآخرة من أهم ما يجب على العبد أن يهتم به، ومن أعظم ما يجب عليه أن يحرص عليه، قال الله تعالى: “وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوني يا أولي الألباب” (البقرة: 197).
وقال جل من قائل: “فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا” (الكهف: 110).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا متم فأكفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ولا حبرة” (رواه أبو داود والنسائي).
الدنيا سريعة الزوال
والدنيا سريعة الزوال، وهي دارٌ لا بقاء فيها، قال الله تعالى: “وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور” (آل عمران: 185).
وقال جل من قائل: “اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرًا ثم يكون حطامًا وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور” (الحديد: 20).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع” (رواه مسلم).
وفي الختام، نسأل الله تعالى أن يرزقنا زهدًا في الدنيا، وأن يجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا.