مدح الرجال في قصائد الشعر العربي
مقدمة
لقد تغنى الشعراء العرب على مر العصور بمدح الرجال العظماء، فخلدوا ذكراهم في قصائد لا تزال تُتلى حتى يومنا هذا. وما من شك في أن مديح الشعراء للرجال كان له أثر كبير في الحفاظ على تراثنا العربي والإسلامي، كما كان له دور في تشكيل ثقافتنا وقيمنا.
الشجاعة والإقدام
كان الشجاعة والإقدام من أهم الصفات التي يمدح بها الشعراء الرجال، فالشجاع هو الذي لا يهاب الموت ولا يتراجع أمام الخطر، بل يقاتل بشجاعة حتى ينتصر أو يستشهد.
يقول الشاعر طرفة بن العبد:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع
ويقول الشاعر المتنبي:
إذا ما رأيت الذئب يكشر عن أنياب
فعرني عِنان فرسك واترك عناني
الكرم والجود
كان الكرم من الصفات الحميدة التي يمدح بها الشعراء الرجال، فالكريم هو الذي يعطي بسخاء دون انتظار مقابل، ولا يبخل على المحتاجين والمحتاجين.
يقول الشاعر امرئ القيس:
فإنك كالليل الذي هو مدركي
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
ويقول الشاعر أبو تمام:
وما الفقر إلا جيفة أنت ميت
عليها إذا لم تغضب الحيَّ كالطير
الحكمة والعقل
كان الحكمة والعقل من الصفات التي يمدح بها الشعراء الرجال، فالعاقل هو الذي يفكر بعقلانية ولا يتسرع في اتخاذ القرارات، ويسترشد بالعلم والمعرفة في حياته.
يقول الشاعر الشافعي:
إذا لم يكن في الأمر عقل ولا هدى
فكل الذي تهواه نفسك فاترك
ويقول الشاعر المتنبي:
وليس يصح في الأنام سريرة
إذا لم توافقها الشمائل والعلل
الصدق والأمانة
كان الصدق والأمانة من الصفات التي يمدح بها الشعراء الرجال، فالصادق هو الذي لا يكذب ولا يغدر، والأمين هو الذي يحفظ الأمانات ولا ينكث بالوعود.
يقول الشاعر لبيد بن ربيعة:
وإنا لقوم لا نرى العار شيمة
لنلقى صدور الخيل بالمقبل
ويقول الشاعر أبو فراس الحمداني:
والصدق فعل الخير في كل موطن
والكذب فعل الشر في كل مأخذ
العفة والحياء
كان العفة والحياء من الصفات التي يمدح بها الشعراء الرجال، فعفيف الرجل هو الذي يبتعد عن الحرام ويحافظ على شرفه، والخجول هو الذي يخجل من فعل الخطأ ولا يقدم عليه.
يقول الشاعر عنترة بن شداد:
وإذا الحروب أقامت نيرانها
وأقبل الموت يهوي بالرجال
ويقول الشاعر القتبي:
وإني لأستحي وأخجل أن أرى
لين الكلام على الشريف المهذب
الشرف والمروءة
كان الشرف والمروءة من الصفات التي يمدح بها الشعراء الرجال، فالشريف هو الذي يحافظ على سمعة عائلته ووطنه، والمروءة هي الالتزام بالقيم والأخلاق الحميدة.
يقول الشاعر زهير بن أبي سلمى:
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله
على قومه يستغن عنه ويذمم
ويقول الشاعر الحطيئة:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
الدين والتقوى
كان الدين والتقوى من أهم الصفات التي يمدح بها الشعراء الرجال، فالمتدين هو الذي يلتزم بتعاليم دينه ويطيع الله ورسوله، والتقوى هي الخوف من الله والالتزام بأوامره ونواهيه.
يقول الشاعر حسان بن ثابت:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ويقول الشاعر البخاري:
ومن يتق الله في كل حالة
يكن عند كل البريّة مهيبا
الخاتمة
لقد لعبت قصائد مدح الرجال في الشعر العربي دوراً كبيراً في الحفاظ على تراثنا العربي والإسلامي، كما ساهمت في تشكيل ثقافتنا وقيمنا. وما زالت هذه القصائد إلى يومنا هذا تُتلى وتُدرس في مدارسنا وجامعاتنا، ولا تزال تلهمنا بالقيم والمبادئ التي يجب أن نتحلى بها.