تُعد قصة تعاون نبي الإسلام محمد (ﷺ) مع أصحابه من أعظم القصص وأروع الأمثلة على قيم التعاون والعمل الجماعي في الإسلام، وقد كانت لهذه القصص آثار عظيمة على تاريخ الدعوة الإسلامية وانتشارها في أرجاء العالم.
بذرة التعاون الأولى
كانت بذرة التعاون الأولى في مكة المكرمة، حينما هجر المسلمون من ديارهم وأموالهم بسبب إيمانهم بالإسلام، فآواهم النبي (ﷺ) في بيته ووفر لهم المسكن والمأكل والملبس، وشاركهم أفراحهم وأحزانهم، فكان مثالا للتعاون والتكاتف.
كما آخى النبي (ﷺ) بين المهاجرين والأنصار، وجعل لكل مهاجر أخ من الأنصار يشاركه ماله وبيته، فكانت هذه الأخوة من أسباب تعاونهم وتآزرهم في سبيل الإسلام.
وفي غزوة بدر الكبرى، حينما التقى المسلمون بالمشركين، كانت اللحظة الفارقة التي أظهر فيها المسلمون أعلى صور التعاون والتضحية، فقاتلوا ببسالة وشجاعة، وتعاونوا على حماية النبي (ﷺ)، وحققوا نصرا عظيما على الرغم من قلتهم وعدتهم.
تعاون المؤمنين في هجرة المدينة
بعد غزوة بدر، أجبر المسلمون على الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة، فتكاتف المهاجرون والأنصار في بناء المسجد النبوي الذي أصبح مركزا للعبادة والتآلف والتشاور بين المسلمين.
كما تعاونوا في حفر الخندق حول المدينة للدفاع عنها من هجمات المشركين في غزوة الخندق، فكانوا يحفرون الخندق ليل نهار حتى أنهكتهم الأيام، لكنهم لم يتكاسلوا أو يتذمروا، بل زادهم التعاون والتآخي قوة وعزيمة.
وبعد أن استقرت الأمور في المدينة، تعاون المسلمون في بناء بيوتهم وزراعة أراضيهم، فكانوا يعملون معا كفريق واحد، يتعاونون ويتسابقون في الخيرات.
التعاون في الغزوات والمعارك
كان المسلمون يتعاونون في الغزوات والمعارك التي خاضوها ضد المشركين، فيتبادلون الأدوار ويحمون بعضهم البعض، ويقاتلون بشجاعة وإخلاص، وكانت هذه الوحدة والتكاتف من أسباب انتصاراتهم في العديد من المعارك.
وفي غزوة أحد، حينما انسحب بعض المسلمين من المعركة، وقف الثابتون مع النبي (ﷺ) في وجه المشركين، وتعاونوا على حمايته والدفاع عنه، وكانوا مثالا على التعاون والإخلاص والتضحية.
وفي غزوة الخندق، تعاون المسلمون في حفر الخندق حول المدينة، وكانوا يعملون ليل نهار حتى أنهكتهم الأيام، لكنهم لم يتكاسلوا أو يتذمروا، بل زادهم التعاون والتآخي قوة وعزيمة.
التعاون في الحياة اليومية
لم يقتصر التعاون بين المسلمين على الغزوات والمعارك، بل كان حاضرا في حياتهم اليومية أيضا، فكانوا يتعاونون في الزراعة والتجارة والصناعة، ويتناصحون ويتعاونون في حل مشاكلهم.
كما كان المسلمون يتعاونون في بناء المساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق العامة، وكانوا يشاركون في إغاثة المحتاجين والمساكين.
وبفضل هذا التعاون، تمكن المسلمون من بناء مجتمع قوي ومتماسك، وكانت هذه الوحدة والتآخي من أسباب نهضتهم وتقدمهم.
آثار التعاون في الدعوة الإسلامية
كان للتعاون أثر كبير في انتشار الدعوة الإسلامية ووصولها إلى أرجاء العالم، فقد تعاون المسلمون على نشر تعاليم الإسلام بين الناس، ودعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
كما تعاون المسلمون على ترجمة القرآن والكتب الإسلامية إلى لغات مختلفة، مما ساهم في نشر الدعوة الإسلامية بين غير العرب.
وبفضل التعاون والتآخي الذي كان بين المسلمين، استطاعت الدعوة الإسلامية أن تنتشر في العالمين، وأن تصل إلى جميع أنحاء الأرض.
نماذج من التعاون
هناك العديد من النماذج التي تدل على مدى التعاون والتكافل بين المسلمين، ومنها:
- تعاون المهاجرين والأنصار في بناء المسجد النبوي وبيوتهم.
- تعاون المسلمين في حفر الخندق حول المدينة للدفاع عنها.
- تعاون المسلمين في الغزوات والمعارك
- تعاون المسلمين في الحياة اليومية، في الزراعة والتجارة والصناعة.
- تعاون المسلمين في بناء المساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق العامة.
- تعاون المسلمين في إغاثة المحتاجين والمساكين.
مفهوم التعاون في الإسلام
يدعو الإسلام إلى التعاون والتكاتف بين المسلمين، ويحثهم على مساعدة بعضهم البعض، وينظر الإسلام إلى التعاون باعتباره واجبا دينيا وأخلاقيا.
وقد وردت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على التعاون، منها:
- قال تعالى: ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا”.
إن التعاون والتكاتف بين المسلمين من أسباب قوتهم وعزتهم، وهو من تعاليم الإسلام العظيمة التي حث عليها النبي محمد (ﷺ)، وقد كان للتعاون أثر كبير في انتشار الدعوة الإسلامية ووصولها إلى أرجاء العالم. ويجب علينا أن نحرص على التعاون والتكاتف في جميع شؤون حياتنا، وأن نكون خير عباد الله المتعاونين.