مدح بالفصحى
يُعد المديح من أهم أغراض الشعر العربي؛ إذ هو قول فيه تعظيم المُمدوح والثناء عليه، وإبراز محاسنه وصفاته النبيلة، كما أنه يُعد شكلاً من أشكال التعبير عن الوجداني والعاطفة تُجاه المُمدوح؛ ولذا ينبغي على الشاعر أن يتوخى حسن الاختيار في ألفاظه وتراكيبه، وأن يجعل قصيدته خالية من المبالغة المُفرطة أو المدح الزائف، وأن يحرص على إبراز محاسن المُمدوح وصفاته السامية دون إغفالٍ أو إجحاف، وفيما يلي مقالٌ يتناول موضوع المديح بالفصحى.
أركان المديح
يتكون المديح من أربعة أركان أساسية، وهي:
- المُمدوح: وهو الشخص الذي يتوجه إليه الشاعر بالمدح.
- المدح: وهو ما يذكره الشاعر من محاسن المُمدوح وصفاته الحميدة.
- القصد: وهو غرض الشاعر من المديح، سواء أكان شكرًا، أم وصفًا، أم تهنئةً، أم غير ذلك.
- الصلة: وهي ما يربط بين المُمدوح والمدح، ويمكن أن تكون القرابة، أو الصداقة، أو الجوار، أو غير ذلك.
أنواع المديح
ينقسم المديح إلى عدة أنواع، وهي:
- مدح الملوك والأمراء: وهو نوع من المديح يختص بالثناء على الملوك والأمراء، والتغني بمجدهم وعزِّهم، وذكر فضائلهم ومناقبهم.
- مدح الشعراء: ويُعرف أيضًا باسم “المداعبات”، وهو نوع من المديح يكون بين الشعراء أنفسهم، ويتناول التغني بفنون الشعر وأغراضه، والإشادة بمواهب الشعراء.
- مدح الأصدقاء: وهو نوع من المديح يختص بالثناء على الأصدقاء، وذكر مكارم أخلاقهم، والإشادة بفضائلهم ووفائهم.
- مدح الأماكن: وهو نوع من المديح يكون موجهًا إلى مكان بعينه، ويتناول التغني بجمال المكان وخصائصه، وذكر فضائله ومميزاته.
- التهويل والمبالغة: يُبالغ الشاعر في مدح المُمدوح، ويُبرز محاسنه وصفاته الفاضلة.
- التكرار: يكثر الشاعر من تكرار محاسن المُمدوح وصفاته، ومدحه والثناء عليه.
- الاستعارات والكنايات: يُكثر الشاعر من استخدام الاستعارات والكنايات في مدح المُمدوح، لإضفاء مزيد من الجمال والصياغة على القصيدة.
خصائص المديح
يتسم المديح بعدد من الخصائص، منها:
مدح النبي صلى الله عليه وسلم
يُعد مدح النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل أنواع المديح، وأرفع أغراض الشعر، كما أنه يُعد فريضةً على كل مسلمٍ ومسلمة، وقد أكثر شعراء العرب والمسلمين من مدح النبي صلى الله عليه وسلم، والتغني بسيرته ومناقبه.
ومن أشهر قصائد مدح النبي صلى الله عليه وسلم قصيدة “البردة” للبوصيري، وقصيدة “مدارس آفاق” لأحمد شوقي، وقصيدة “صلى عليك الله يا خير الأنام” لجرير.
وعلى الشاعر أن يتحرى الصدق في مدحه للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن لا يُبالغ في مدحه، وأن يكون مدحه خاليًا من الغلو أو الشرك، وأن يكون هدفه من المديح هو التقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
مدح الصحابة والتابعين
مدح الصحابة والتابعين من أفضل أنواع المديح وأجملها، فقد كانوا صفوة عباد الله، وخيار خلقه، وقد مدحهم شعراء العرب والمسلمين تقديرًا لمكانتهم، واعترافًا بفضلهم.
ومن أشهر الصحابة الذين مدحهم الشعراء: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، ومن أشهر التابعين الذين مدحهم الشعراء: الحسن البصري، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
وعلى الشاعر أن يتحري الصدق في مدحه للصحابة والتابعين، وأن لا يُبالغ في مدحهم، وأن يكون مدحه خاليًا من الغلو أو الشرك، وأن يكون هدفه من المديح هو التقرب إلى الله تعالى.
مدح الأوطان
مدح الأوطان من أفضل أنواع المديح، وأروع أغراض الشعر، وقد أكثر شعراء العرب من مدح أوطانهم، والتغني بحب الوطن، والإشادة بمميزاته وفضائله.
ومن أشهر قصائد مدح الأوطان قصيدة “وطنٌ عزيزٌ” للشاعر أحمد شوقي، وقصيدة “بلادي وطني” للشاعر إبراهيم طوقان، وقصيدة “يا بلادي” للشاعر محمود درويش.
وعلى الشاعر أن يتحري الصدق في مدحه لوطنه، وأن لا يُبالغ في مدحه، وأن يكون مدحه خاليًا من الغلو أو التعصب، وأن يكون هدفه من المديح هو غرس حب الوطن في النفوس، وحث أبناء الوطن على الدفاع عنه.
يُعد المديح من أهم أغراض الشعر العربي، ومن أرقى أنواع التعبير عن الوجداني والعاطفة، وقد أكثر شعراء العرب والمسلمين من المديح، وتغنى بمناقب الممدوحين وفضائلهم.
وعلى الشاعر أن يتوخى الصدق في مدحه، وأن لا يُبالغ في مدحه، وأن يكون مدحه خاليًا من الغلو أو الشرك، وأن يكون هدفه من المديح هو التقرب إلى الله تعالى، ونشر المحبة والوئام بين الناس.