واكرم الناس ما بين الورى رجل
الترحاب بالضيوف وكرم أخلاق الصحابة
منذ العصور القديمة، عُرف العرب بضيافتهم وكرم أخلاقهم. وقد روى لنا التاريخ العديد من القصص عن الصحابة والتابعين الذين ضربوا أروع الأمثلة في الترحاب بالضيوف.
فقد كان من عاداتهم أن يقيموا وليمة للضيف حتى لو كان عدوًا، وكانوا يوفرون له كل وسائل الراحة والرفاهية. وكانوا يعتبرون أن إكرام الضيف هو واجب ديني عليهم.
الأنبياء والترحاب بالضيوف
لقد جاء في القرآن الكريم والسنَّة النبوية الشريفة العديد من الآيات والأحاديث التي تحث على إكرام الضيف، فقد قال الله تعالى: وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [الأعراف: 51-53].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، وجاره، ويقل خيرا أو ليصمت”.
قصص من التاريخ
يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، نزل في قبيلة بني عمرو بن عوف، فأكرموه وأحسنوا ضيافته، فلما كان بعد ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن بني عمرو بن عوف لأكرم الناس عليَّ وأحبهم إليَّ، فلو أني لم أكن هاجرت من مكة لكنت منهم”.
ويروى أيضًا أن سعد بن معاذ كان كريمًا جدًا مع ضيوفه، وكان يذبح لهم الشاة ويطعمهم من لحمها.
بر الوالدين
من أعظم صور الإكرام بر الوالدين وحسن معاملتهما، فقد قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء: 23].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رضى الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين”.
إكرام الجار
من صور الإكرام أيضًا إكرام الجار وعدم إيذائه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”، وقال أيضًا: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره”.
الإحسان إلى المساكين والفقراء
ومن صور الإكرام أيضًا الإحسان إلى المساكين والفقراء ومساعدتهم، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج: 24-25].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار”.
الرفق بالحيوان
ومن صور الإكرام أيضًا الرفق بالحيوان ومعاملته برفق، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، ولينعم ذبيحته”.
الخاتمة
إن الإكرام خلق عظيم يدعو إليه الدين الإسلامي، وهو من أعظم صور التقوى والإيمان، وقد أثنى الله تعالى على الكرماء في كتابه الكريم، وحثنا على إكرام الضيوف والوالدين والجار والمساكين والفقراء والرفق بالحيوان.