ما تقدموا لأنفسكم
مقدمة
إن مفهوم “ما تقدموا لأنفسكم” مبدأ إسلامي مهم يشدد على مسؤولية الفرد عن أفعاله. ووفقا لهذا المبدأ فإن تصرفاتنا الحالية تحدد مستقبلنا في الحياة الآخرة فما تقدمه لنفسك في الدنيا تجده عند الله في الاخرة.
الإعداد للحياة الآخرة
يحثنا مبدأ “ما تقدموا لأنفسكم” على الاستعداد للحياة الآخرة من خلال أعمالنا الصالحة. فعمل الخير يساعدنا على تخفيف ذنوبنا في الدنيا والآخرة. ويجب أن نكون حريصين على أداء العبادات مثل الصلاة والصيام والحج لأنها تزيد من رصيدنا في الآخرة.
كما يجب علينا أن نكون لطفاء مع الآخرين وأن نساعد المحتاجين. وإذا فعلنا ذلك فإن الله سيكافئنا في الآخرة. قال تعالى “وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا” (سورة المزمل الآية 20).
علاوة على ذلك فإن علينا أن نتجنب المحرمات مثل الكذب والغش والسرقة. لأن هذه الأفعال تزيد من ذنوبنا ويمكن أن تؤدي بنا إلى العقوبة في الآخرة. كما يجب أن نكون حذرين من الغيبة والنميمة قال تعالى “ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا” (سورة الحجرات الآية 12).
حساب الأعمال
يوم القيامة سيحاسبنا الله على كل أعمالنا سواء أكانت صغيرة أم كبيرة. وسنواجه عواقب أفعالنا سواء كانت خيرا أم شرا. قال تعالى “ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا” (سورة الكهف الآية 49).
لذلك فمن المهم أن ندرك أن مسؤوليتنا على أفعالنا كاملة. ولا يمكننا إلقاء اللوم على الآخرين أو الظروف على تصرفاتنا. قال تعالى “كل نفس بما كسبت رهينة” (سورة المدثر الآية 38).
ومع ذلك فإن رحمة الله واسعة. فإذا أخلصنا التوبة من ذنوبنا فإن الله سيغفر لنا. قال تعالى “إن الله يغفر الذنوب جميعا” (سورة الزمر الآية 53).
الأجر والثواب
سيكافئ الله الصالحين في الآخرة بأجر عظيم. قال تعالى “والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا” (سورة النساء الآية 122).
أما الأشرار فسيعاقبون على ذنوبهم. قال تعالى “والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها” (سورة التغابن الآية 10).
لذلك علينا أن نسعى جاهدين لفعل الخير وتجنب الشر حتى ننال رضى الله في الدنيا والآخرة.
مسؤولية الفرد
يؤكد مبدأ “ما تقدموا لأنفسكم” على مسؤولية الفرد عن أفعاله. وهذا يعني أننا لا نستطيع إلقاء اللوم على الآخرين أو الظروف على تصرفاتنا. فنحن مسؤولون عن اختياراتنا الخاصة وعليها سنحاسب.
من المهم أن ندرك عواقب أفعالنا. فكما ذكرنا فإن الأعمال الصالحة تؤدي إلى مكافأة في الآخرة في حين أن الأعمال السيئة تؤدي إلى عقاب. قال تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى” (سورة النجم الآيتان 39 و 40).
لذلك علينا أن نكون حذرين فيما نفعله ونتجنب أسباب الغضب والندم. فعلينا مثلا ان نبتعد عن شرب الخمور والمخدرات لانها تؤدي الي اضرار صحية خطيرة مثل تليف الكبد والغيبوبة والوفاة.
أهمية النية
بالإضافة إلى أفعالنا فإن نوايانا مهمة أيضا. فمثلا من المهم أن نؤدي العبادات بنية صالحة. فعندما نصلي أو نصوم أو نحج يجب أن نفعل ذلك لله وحده وليس من أجل إرضاء الآخرين أو الكسب الدنيوي.
كما يجب أن تكون نوايانا في تعاملاتنا مع الآخرين صادقة. فعندما نساعد المحتاجين يجب أن نفعل ذلك لأننا نريد وجه الله وليس من أجل الثناء أو الشكر. قال تعالى “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” (سورة التوبة الآية 105).
وفي المقابل فإن نوايانا السيئة يمكن أن تفسد أعمالنا الصالحة. فعلى سبيل المثال إذا قمنا بعمل خيري ولكن بدافع الرياء فإننا لن ننال أجر هذا العمل عند الله.
الاستعداد للقاء الله
إن مبدأ “ما تقدموا لأنفسكم” يدعونا إلى الاستعداد للقاء الله. فالموت حق لا مفر منه وعلينا أن نستعد له بأفضل طريقة ممكنة. ذلك بأن نكثر من الطاعات ونتوب عن المعاصي.
كما يجب أن نستعد للقاء الله بإعداد وصيتنا حتى لا تتعرض تركتنا للنزاع والقسمة بين افراد الاسرة.
قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون” (سورة الحشر الآية 18).
خاتمة
إن مبدأ “ما تقدموا لأنفسكم” مبدأ إسلامي مهم يذكرنا بأننا مسؤولون عن أفعالنا. وعلينا أن نحرص على أن تكون أعمالنا صالحة ونوايانا صادقة حتى ننال رضى الله في الدنيا والآخرة. قال تعالى “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” (سورة الزلزلة الآيتان 7 و 8).