وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
إن التوفيق والسداد من الله وحده، ولا يتم الأمر إلا بعونه وتوفيقه، وعلى المسلم أن يتوكل على ربه سبحانه في أموره كلها، فهو الناصر والمعين، وهو الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً).
معنى التوكل
التوكل هو تفويض الأمر إلى الغير والاستناد إليه، والتسليم له، والاعتماد عليه، واليقين بأنه هو النافع الضار، وهو المعطي المانع، وهو الناصر المخذل، وهو الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
والتوكل قسمان: توكل عبادة، وتوكل حاجة. فتوكل العبادة هو تفويض الأمر إلى الله وحده، والاعتماد عليه في الأمور كلها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، سهلة أو صعبة. ويدخل في هذا التوكل التوكل على الله تعالى في الرزق، والتوكّل على الله في الشفاء من الأمراض، والتوكّل على الله في دفع الأعداء، وفي سائر الأمور الدنيويّة والأخرويّة.
أما توكل الحاجة فهو الاعتماد على الغير في قضاء الحاجة، والاستعانة به عليها، واللجوء إليه فيها، وهو نوع من أنواع التعاون والتكاتف بين الناس.
شروط التوكل
للتوكل شروط منها:
- الإيمان بالله تعالى، وبأسمائه وصفاته.
- التوكل على الله وحده، وعدم الإشراك به أحدًا.
- القيام بالأسباب المباحة، وعدم تركها بحجة التوكل.
- الصبر على مقدور الله تعالى، وعدم الجزع عند نزول البلاء.
فوائد التوكل
للتوكل فوائد كثيرة، منها:
- الراحة النفسية، والطمأنينة، وسعة الصدر.
- قوة العزيمة، والثبات على الحق، وعدم الخوف من أحد إلا الله.
- الطمع في فضل الله تعالى، واليقين بنصره وعونه.
- التوفيق والسداد، والاعانة على قضاء الحوائج.
- رفع الحزن والغم، وإزالة الكرب والهم.
آثار ترك التوكل
ترك التوكل له آثار سلبية، منها:
- القلق النفسي، والضيق، والحزن.
- ضعف العزيمة، والخوف من أحد غير الله.
- التشاؤم، واليأس من رحمة الله.
- الوقوع في الحرام، والتعلق بالأسباب المباحة.
- التعرض للبلاء والابتلاء.
الفرق بين التوكل والتفويض
التوكل هو الاعتماد على الغير في جميع الأمور، والتفويض هو إسناد الأمر إلى الغير، والرضا بقضائه، واليقين بأنه هو النافع الضار.
والتوكل أعم من التفويض، فكل مفوض متوكل، وليس كل متوكل مفوضًا.
التوكل على الله في القرآن الكريم
وردت العديد من الآيات القرآنية التي تحث على التوكل على الله تعالى، منها:
- (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
- (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين).
- (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
- (وإن تصبروا وتتّقوا لا يضركم كيدهم شيئًا إن الله بما يعملون محيط).
التوكل على الله في السنة النبوية
حث النبي صلى الله عليه وسلم على التوكل على الله تعالى في العديد من الأحاديث، منها:
- “من توكل على الله كفاه أمره، ورزقه من حيث لا يحتسب”.
- “إن الله يحب المتوكلين”.
- “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف”.
التوكل على الله في حياة الصحابة
كان الصحابة رضوان الله عليهم يتوكلون على الله تعالى في جميع أمورهم، وقد وردت العديد من القصص التي تبين توكلهم على الله، منها:
- توكل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على الله عند هجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم.
- توكل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الله عند فتح بيت المقدس.
- توكل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على الله عند قيادته لجيش المسلمين في غزوة خيبر.
التوكل على الله في الأمور المعاصرة
التوكل على الله تعالى مهم في جميع الأزمنة والأمكنة، وفي الأمور المعاصرة، ومن الأمثلة على ذلك:
- توكل الطالب على الله عند أدائه لامتحان.
- توكل المريض على الله عند إجرائه لعملية جراحية.
- توكل التاجر على الله عند اتخاذه لقرار استثماري.
الخلاصة
التوكل على الله تعالى من أهم العبادات وأعظمها، وهو سبب من أسباب التوفيق والسداد، وله فوائد كثيرة، وآثاره تركه سلبية، وعلى المسلم أن يتوكل على ربه في جميع أموره، وأن يجعل توكله على الله تعالى هو ديدنه في الحياة.