ما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم
مقدمة
يُعد مبدأ عدم إجبار أحد على شيء فوق طاقته من المبادئ الإسلامية الأساسية التي تكررت في مواضع عديدة من القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى في سورة المؤمنون: وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم، وفي هذه الآية الكريمة يبين الله تعالى أن الظلم الحقيقي هو ما يقع من الإنسان على نفسه، وذلك باتباعه الشهوات والهوى وعدم الالتزام بتعاليم الدين الحنيف.
الإنسان مسؤول عن أفعاله
لقد خلق الله الإنسان وجعله مسؤولاً عن أفعاله، وأمره باتباع طريق الحق والعدل، وترك طريق الظلم والفساد، وبين له أن من اتبع طريق الحق فله الجنة، ومن اتبع طريق الظلم فله النار، قال تعالى: إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً، وقال تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.
ظلم النفس باتباع الشهوات
إن من أعظم أنواع الظلم الذي يقع من الإنسان على نفسه هو ظلمها باتباع الشهوات والهوى، فشهوات الدنيا ومتعها زائلة فانية، ولا تدوم للإنسان، بل إنها تؤدي إلى هلاكه في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ولا تتبعوا الهوى فيضلكم عن سبيل الله، وقال تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب.
ظلم النفس بالكفر والشرك
ومن أعظم أنواع الظلم الذي يقع من الإنسان على نفسه هو ظلمها بالكفر والشرك، فالكفر والشرك ظلم عظيم لله تعالى، وظلم عظيم للنفس، لأن الكافر المشرك يخرج نفسه من رحمة الله تعالى، ويستحق عذاب النار، قال تعالى: إن الشرك لظلم عظيم، وقال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
ظلم النفس بالمعاصي والذنوب
إن المعاصي والذنوب جميعاً ظلم للنفس، لأنها تحرم الإنسان من رضا الله تعالى، وتعرضه لسخطه وعذابه، والمعاصي والذنوب كثيرة ومتنوعة، منها ما يصغر ومنها ما يكبر، ومنها ما يخرج صاحبه من الملة، ومنها ما لا يخرجه، وعلى كل مسلم أن يتقي الله تعالى ويجتنب الوقوع في المعاصي والذنوب، ويتوب إلى الله تعالى مما وقع فيه منها، قال تعالى: إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً، وقال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.
ظلم النفس بالإضرار بالآخرين
إن ظلم الإنسان لنفسه قد يتعداه إلى ظلم الآخرين، وذلك عندما يؤذي الإنسان غيره بقوله أو فعله، فيكون بذلك قد ظلم نفسه وظلم غيره، فالأذى بجميع أنواعه وأشكاله ظلم محرم، وقد حذرنا الله تعالى من الوقوع فيه، قال تعالى: ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، وقال تعالى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق.
ظلم النفس بالتفريط في حقها
إن التفريط في حق النفس من أنواع الظلم الذي يقع من الإنسان على نفسه، فالإنسان مطالب بأن يحافظ على صحته وبدنه، وأن يوفر لنفسه ما تحتاجه من طعام وشراب وكساء، وأن يعتني بنفسه وبنظافتها، قال تعالى: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وقال تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً.
نتائج ظلم النفس
إن ظلم النفس له نتائج وخيمة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يحرم الإنسان نفسه من السعادة والراحة والطمأنينة، ويعرض نفسه للعذاب والهلاك، وفي الآخرة يستحق عذاب النار، قال تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، وقال تعالى: وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم الله به.
الخاتمة
في ختام هذه المقالة، نؤكد على أن ظلم النفس من أخطر أنواع الظلم، وأن الإنسان مسؤول عن أفعاله، وعليه أن يتقي الله تعالى ويجتنب الوقوع في الظلم، ويتبع طريق الحق والعدل، حتى ينال رضا الله تعالى في الدنيا والآخرة.