وما من دابة في الارض
مقدمة
خصصت سورة لقمان في القرآن الكريم مساحة هامة لمناقشة موضوع خلق الله عز وجل لكافة المخلوقات، ومن ضمنها الحيوانات التي تعيش على سطح الأرض، وقد تضمن الآية الخامسة عشر من هذه السورة الكريمة نصًا واضحًا يفيد بأن جميع المخلوقات الحية على وجه الأرض تعتمد على الله في رزقها وقوتها، حيث قال تعالى: “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ”.
الرزق الإلهي شامل لجميع المخلوقات
تشمل الآية الكريمة جميع الكائنات الحية على وجه الأرض، من أصغر الحشرات حتى أكبر الحيتان، فلا يوجد مخلوق واحد يستطيع أن يعيش بدون رزق الله تعالى، سواء كان هذا الرزق طعامًا أو شرابًا أو مأوى. ويؤكد هذا المفهوم على الاعتماد الكامل للخليقة على خالقها، وأن كل ما يملكونه هو عطية منه سبحانه.
علم الله الواسع
لا يقتصر رزق الله على توفير الغذاء والمأوى، بل يتجاوزه إلى العلم التام بمكان تواجد كل مخلوق ومستقر عيشه، كما يعلم الله تعالى أماكن حفظ وحفظ هذه المخلوقات. وهذا العلم الشامل يظهر مدى قدرة الله العظيمة وسيطرته على الكون كله، ولا يمكن إخفاء أي مخلوق مهما صغر حجمه عن علم الله الواسع.
الكتاب المبين
يذكر النص القرآني أن جميع المعلومات المتعلقة برزق وأماكن تواجد جميع المخلوقات مسجلة في كتاب واضح ومبين، وهو ما يشير إلى علم الله الواسع الذي لا يحده شيء. وهذا الكتاب هو علم الله تعالى الذي أحاط بكل شيء، وهو مرجع شامل يحتوي على جميع المعلومات عن الكون وخلائقه.
توازن النظام البيئي
يضمن رزق الله تعالى لجميع المخلوقات الحفاظ على توازن النظام البيئي، حيث يعتمد كل نوع على نوع آخر للحصول على الغذاء والمأوى، وهذه السلسلة متداخلة ومترابطة لضمان استمرار الحياة على وجه الأرض. وهذا النظام المتوازن هو دليل آخر على حكمة الله وعظمته.
العدل الإلهي
يتجلى العدل الإلهي في الآية الكريمة من خلال تأكيدها على أن جميع المخلوقات حية على قدم المساواة أمام الله تعالى، بغض النظر عن حجمها أو شكلها أو مكان وجودها. وكل مخلوق له نصيب محدد من الرزق يضمن له البقاء والاستمرار.
الامتنان والتسبيح
يجب أن يدفعنا الإيمان بهذه الحقيقة القرآنية إلى امتنان وتسبيح لله تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأن ندرك أن كل ما نملكه هو من فضل وعطاء الله. كما يجب أن يدفعنا إلى احترام جميع المخلوقات وعدم الإضرار بها، لأنها من نعم الله علينا.
خاتمة
تؤكد الآية الكريمة “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” على الاعتماد الكامل للخليقة على خالقها، وأن كل ما يملكونه هو عطية منه سبحانه. كما تؤكد على علم الله الواسع وسيطرته على الكون كله، وتضمن الحفاظ على توازن النظام البيئي والتأكيد على العدل الإلهي.