يارب رحمتك وسعت كل شي
إن رحمة الله سبحانه وتعالى واسعة وعظيمة، فقد وسعت كل شيء في الكون، من أصغر الذرات إلى أكبر المجرات، ومن أدنى المخلوقات إلى أشرفها، والإنسان هو أعظم مخلوقات الله وأكرمها، وقد خصه الله برحمته وفضله على سائر المخلوقات.
شمول رحمة الله
وسعت رحمة الله جميع خلقه، فلا يوجد مخلوق واحد خارج نطاق رحمته، حتى الكافرين والمشركين يدخلون في رحمة الله إذا تابوا وآمنوا به، قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ).
وتشمل رحمة الله الدنيا والآخرة، في الدنيا يرزق الله عباده وينعم عليهم بالصحة والعافية والرزق والأمن، وفي الآخرة يغفر الله ذنوب عباده إذا تابوا وآمنوا به، ويدخلهم جناته.
ولا تقتصر رحمة الله على البشر فقط، بل تشمل جميع المخلوقات، فالله يرزق الحيوانات والطيور والأسماك وينعم عليها، ويدبر أمورها، فهو الرحمن الرحيم بجميع خلقه.
تجليات رحمة الله
تتجلى رحمة الله في كل شيء من حولنا، في جمال الطبيعة وعظمة الكون، في صحة أجسامنا وعافية أرواحنا، في رزقنا وأمننا، في كل ما ننعم به من نعم الدنيا والآخرة.
وتتجلى رحمة الله أيضًا في صبر الله على عباده، على الرغم من معاصيهم وذنوبهم، فالله يعطيهم الفرصة للتوبة والرجوع إليه، ويمهل لهم حتى يتوبوا، ولا يعجل بعقابه لهم، قال تعالى: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يُرِيدُ).
وتتجلى رحمة الله في عفو الله عن عباده إذا تابوا وآمنوا به، فالله يغفر الذنوب مهما عظمت، إذا تاب العبد توبة نصوحًا، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
رحمة الله في القرآن والسنة
وردت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن رحمة الله وسعتها، ومن ذلك:
قال الله تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ).
وقال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
وقال تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب الرحمة على نفسه.”
وقال صلى الله عليه وسلم: “إن رحمة الله أقرب إلى المؤمن من فتيل فرسه.”
وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يرحم من عباده الرحماء.”
فضل رحمة الله
إن رحمة الله من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، فهي نعمة عظيمة يجب شكر الله عليها، قال تعالى: (وإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
ومن فضل رحمة الله أنها سبب لرحمة الله في الدنيا والآخرة، فمن رحم الناس رحمه الله، ومن عفا عن الناس عفا الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء.”
وعلى العبد أن يسأل الله رحمته في كل وقت وحين، وأن يدعوه أن يرحمه في الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم ارحمني في الدنيا والآخرة.”
آثار رحمة الله
لرحمة الله آثار عظيمة في حياة الإنسان، فهي تمنحه السعادة والطمأنينة والسكينة، وتقيه شرور الدنيا والآخرة، وتجلب له الخير والبركة.
ومن آثار رحمة الله أنها تدفع الإنسان إلى فعل الخير والتقوى، وتمنحه القوة والصبر عند الشدائد، وتسهل عليه أمور حياته، قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ).
وكلما ازداد إيمان العبد بالله ورجاه لرحمته، كلما زاد الله له في رحمته وأفضاله، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
كيف ننال رحمة الله؟
ينال العبد رحمة الله من خلال الإيمان به وتقواه، والإكثار من الأعمال الصالحة، والتوبة من الذنوب، والدعاء إلى الله تعالى.
ومن أهم الأسباب التي تجلب رحمة الله الإحسان إلى الوالدين وبرهما، وصلة الأرحام، والصدقة، والإنفاق في سبيل الله، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ).
نسأل الله تعالى أن يرحمنا برحمته، وأن يدخلنا جناته بفضله ومنته.
رحمة الله في الأخرة
ستتجلى رحمة الله في الآخرة في أبهى صورها، حيث يغفر الله ذنوب عباده إذا تابوا وآمنوا به، و