يا رب يسِّر أمري
يُعد الدعاء إلى الله إحدى العبادات الهامة والقريبة إلى قلوب المسلمين ومصدرَ قوتهم وطمأنينتهم، فالدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، فالله سبحانه وتعالى يحب عباده الذين يكثرون من الدعاء إليه، وخاصة في الأوقات الفاضلة من اليوم والليلة، فالدعاء يُعد معراج المؤمن وسرور العابدين، ونسيم القلوب، وجلاء الأحزان، وعون العبد في كل أحواله، والمسلم الذي يكون قريبًا من ربه بالدعاء ينعم الله عليه بالكثير من النعم الظاهرة والباطنة، ومن أفضل الأدعية وأيسرها قول العبد: “يا رب يسِّر أمري”.
فضل الدعاء بـ “يا رب يسِّر أمري”
يُعد هذا الدعاء من الأدعية القصيرة السهلة التي يُمكن ترديدها في كل وقت وحين، وقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي فضَّل النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء به، فعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كانت له حاجة إلى الله تعالى أو إلى أحد من بني آدم، فليتوضأ ثم ليصلِّ ركعتين، ثم ليثنِ على الله عز وجل، ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: (يا رب يسِّر أمري، وسهِّل لي ما استصعب عليَّ من أمري بقدرتك على ما ليس بقدرتي، وأنت على كل شيء قدير)، ثم ليسأل حاجته، فإنه يُستجاب له”.
فالدعاء بـ “يا رب يسِّر أمري” يُعد من الأدعية النافعة التي تُعين العباد على التخلص من الهموم والأحزان، كما أنه يُعد سببًا في تفريج الكروب وتيسير الأمور، فمهما كانت المصاعب التي يلقاها المسلم في حياته فعليه أن يكثر من ترديد هذا الدعاء، فهو من أفضل أسباب تفريج الكرب وإزالة الهم.
معنى الدعاء
“يا رب يسِّر أمري” هو دعاء مختصر بليغ المعنى، فمعنى “رب” هو المُتَصرف في الخلق بالملك والتدبير والتربية، ومعنى “يسِّر” أي اجعله سهلًا ميسرًا، ومعنى “الأمر” هو الشأن والحال، فيُمكن تفسيره على أنه: يا متصرف شؤوني اجعلها سهلة ميسرة.
فضل ترديد الدعاء
لترديد هذا الدعاء فضل عظيم وثواب كبير، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الدعاء هو العبادة”، فعند ترديد هذا الدعاء يكون المسلم قد تقرَّب إلى الله بأحد أعظم العبادات، كما أن ترديد هذا الدعاء في كل الأوقات يُشعر المسلم بقرب الله عز وجل منه، وأن الله مطلع على أحواله وسامع لدعائه، وهذا يُعين المسلم على الصبر والرضا بقضاء الله وقدره.
ومن فضائل ترديد هذا الدعاء أنه يكون سببًا في تفريج الكرب وإزالة الهم، فالمؤمن عندما يلجأ إلى ربه بالدعاء فقد لجأ إلى قادر على كل شيء، كما أنه يكون سببًا في دخول الجنة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الدعاء هو العبادة، وما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها”.
كما أن ترديد هذا الدعاء يُعين المسلم على طاعة الله عز وجل واجتناب معاصيه، فالمؤمن عندما يتذكر ربه بالدعاء فإنه سيتذكر أن عليه حقوقًا لربه يجب ألا يُفرِّط فيها، ولن يُقدم على فعل المعاصي وهو يذكر ربه ويتضرع إليه بالدعاء، فالدعاء يُعين المسلم على تحسين علاقته بربه وعلى تحسين سلوكه مع الناس.
كيفية الدعاء
يباح للمسلم أن يدعو ربه في أي وقت أو مكان، لكن هناك بعض الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء أكثر من غيرها، فمن المُستحب أن يُكثر المسلم من الدعاء في الثلث الأخير من الليل، وعند السحر، وبعد الأذان وقبل الإقامة، وبين الأذان والإقامة، وفي يوم عرفة، وفي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وفي يوم الجمعة، وفي شهر رمضان، وعند نزول المطر، وعند السجود، وعند مواطن الذكر مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي وبيت المقدس.
كما يُستحب للمسلم أن يتطهر قبل الدعاء، وأن يستقبل القبلة ويرفع يديه، وأن يكون على يقين بأن الله سيُجيب دعاءه ويكشف ضُره، وأن يبدأ دعاءه بالحمد والثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن يُنهي دعاءه بالحمد والثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
كما يُستحب للمسلم أن يُلح في الدعاء ويُكرره، وأن يُلحف على الله عز وجل ويُبالغ في المسألة، فلا ينبغي أن ييأس من إجابة الدعاء مهما تأخرت، فالله سبحانه وتعالى يحب العبد الذي يلجأ إليه بالدعاء، وخاصة في أوقات الشدة والضيق، فعلى المسلم أن يُكثر من الدعاء ولا يضجر أو يمل، وأن يظن بربه الخير وأن الله سيُجيب دعاءه في الوقت المناسب.
آداب الدعاء
هناك بعض الآداب التي يُستحب للمسلم مراعاتها عند الدعاء، ومن هذه الآداب:
- أن يكون الدعاء من قلب خالص بعيدًا عن الرياء والسمعة، فالدعاء عبادة لا ينبغي أن يُشارَك فيها غير الله عز وجل.
- أن يكون الدعاء موافقًا لشرع الله عز وجل، فلا ينبغي للمسلم أن يدعو ربه بشيء محرَّم أو مكروه.
- أن يكون الدعاء بالخير، فلا ينبغي للمسلم أن يدعو على نفسه أو على غيره بالشر.
- أن يكون الدعاء حلالاً طيبًا، فلا ينبغي للمسلم أن يدعو ربه بشيء محرَّم أو مكتسب من حرام.
- أن يعزم المسلم على ترك المنكرات عند الدعاء، فلا ينبغي للمسلم أن يدعو ربه بالهداية وهو مصرٌّ على ارتكاب المعاصي.
- أن يبدأ المسلم دعاءه بالحمد والثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن يُنهي دعاءه بالحمد والثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
“يا رب يسِّر أمري” هو دعاء عظيم يُستحب للمسلم أن يُكثر من ترديده، فهو يُعين على تفريج الكرب وتيسير الأمور وجلب الرزق ودفع البلاء، كما أن ترديده يكون سببًا في دخول الجنة، ويُساعد على تحسين علاقة المسلم بربه، وعلى الابتعاد عن المعاصي والتقرب إلى الله عز وجل.