قصائد وصف الجمال
منذ فجر الحضارة، كان الجمال أحد أكثر الموضوعات التي تغنى بها الشعراء على مر العصور، ويعد وصف الجمال من أهم وأشهر أغراض الشعر العربي قديمًا وحديثًا، حيث اشتهر العديد من الشعراء بقصائدهم التي تصف الجمال بمختلف صوره وأشكاله، وسنتناول في هذا المقال أبرز قصائد وصف الجمال في الأدب العربي.
شعر الجاهلية
ازدهر شعر وصف الجمال في العصر الجاهلي، ومن أشهر القصائد التي تناولت هذا الغرض قصيدة “لامية العرب” للشاعر امرؤ القيس، والتي يصف فيها محبوبته بالألفاظ الرقيقة والتشبيهات البديعة، فيقول:
“ألا في سبيلك من نسيم الصبا هواجك أم طرف منك أم حاجب
أغر محجل ذو شجو كأنما أصاب ملاطيه بسيل الحباب
كأن عيون الوحش إذ رمت سهما قلوب وما رمت سوى المهجات”
كما اشتهر زهير بن أبي سلمى بقصائده التي تصف الجمال، ومنها قصيدته التي يمدح فيها امرأة قرشية، فيقول:
“ألا يا اسلمي يا دار مية ناحلي مجال وجرعاء فأدمعي سالي
لها طلل كأن لم يبن فيها لنابل ولم يعطف فيها لسارية حبالي
فحلت بها أقوام لا يعرفونها سوى الوحش إلا وحش قلبي وحالي”
شعر العصر الأموي
استمر وصف الجمال في العصر الأموي، وظهرت أسماء جديدة من الشعراء المبدعين في هذا الغرض، ومن أشهرهم جميل بن معمر، الذي عرف بكثرة أشعاره التي تصف جمال محبوبته بثينة، فيقول في إحداها:
“وإني لعبد الدار ما زلت أعشقها ولا أبغض الدار التي هي ساكنة
بثينة أقسم لو رأيت محياها إذا لرجعت النفس وهي شاكية
فيا عجبا ما بال عينيك أخضرا وقد كحلت بالليل من غير كحلة”
كما اشتهر عمر بن أبي ربيعة بقصائده التي تغنى فيها بجمال النساء، ومنها قصيدته التي يصف فيها محبوبته عاتكة، فيقول:
“تلك التي كأنها في الناس شمس يضحك عن ثغر صفا مثل عذب
يا صاحبي لا تسلاني من لقائها فلقد يسر لي قبل الليالي قرب
ما ضرها في النار أن كانت لظى قد ألقيت في النار وهي مثل الذهب”
شعر العصر العباسي
ازدهر الشعر العربي في العصر العباسي، وشهد هذا العصر ظهور العديد من الشعراء المبدعين في وصف الجمال، ومن أشهرهم أبو نواس، الذي عرف بشعره الرقيق الذي يصف فيه جمال النساء، فيقول في قصيدته يصف جارية:
“يا جارية بيضاء سمراء ذات وشاح وشادن أهيف
يعبث في خديها نسيم الصبا فيشعل اللهيف
والأسكت من شفتيها فيوجب منها على الريق ليف”
كما اشتهر البحتري بقصائد الغزل التي وصف فيها الجمال، ومنها قصيدته التي يصف فيها جارية تركية، فيقول:
“ألا أيها الركب المصرد عيسي ألا فسلوا ما للنوى عن سلمى
ولا ترحلوا حتى تبينوا رشادها فإن رحيل القوم غير ملوم
كأن ثناياها غصون بانة وخدها مصقول صفراء برد
وشعرها ليل يزينه خصل . كأنهن نجوم ليلة عيد”
شعر Andalusian
انتشر وصف الجمال في شعر الأندلس، ومن أشهر الشعراء الأندلسيين الذين تغنوا بالجمال ابن زيدون، الذي اشتهر بشعره الرقيق الذي يصف فيه جمال محبوبته ولادة، فيقول في قصيدته التي يمدحها فيها:
“أيا سلوة الأرواح يا قرت العين ويا برد الأكباد ويا قبلة الشفتين
ويا فاتنة الحسناء يا شمس يوم تغيب ويا نزهة للرائين يا وردة للناظرين
ويا طيب رياض النعيم يا حلوة ابتسامة الثغور ويا قهوة أقداح النديم ويا شمعة ليال الدجور”
كما اشتهر ابن هانئ الأندلسي بقصائده التي تصف الجمال، ومنها قصيدته التي يصف فيها جارية، فيقول:
“يا ليلة عيد لم يزل هلالها في طلعة الغرر المنيرة باقيا
آنسنا فيها بدرها وطلعها فكأنا بالفرقدين راقيا
وقامت جاريتنا من مجلس فكأنها قمر عليها مشرقا”
شعر العصر الحديث
استمر وصف الجمال موضوعًا بارزًا في الشعر العربي الحديث، وظهرت أسماء جديدة من الشعراء الذين أبدعوا في هذا الغرض، ومن أشهرهم نزار قباني، الذي عرف بشعره الرومانسي الذي يصف فيه جمال المرأة، فيقول في قصيدته “إني أحبك”:
“احبك ليس بانتشائي وشهوتي ولا بجمال وجهك أنت لا تعرفي
أحبك لأنك في هواك أنا المسكين ملك وأنت في الملك أمة تضعفي”
كما اشتهر أحمد شوقي بقصائده التي تصف الجمال، ومنها قصيدته التي يصف فيها جمال امرأة اسمها قمراية، فيقول:
“أيا نجمة الصبح التي لم تدر لماذا يظل الشعر في ظلها الندي
أيا قمراية أنت أقمار ليل عيون لنا بالله هل تدعين
وأنتم يا عيونها فتن الورى خلقت فتنوني ليحيا بها عدي”
جمال الطبيعة
إلى جانب وصف جمال المرأة، اهتم الشعراء العرب أيضًا بوصف جمال الطبيعة، ومن أشهر القصائد التي تناولت هذا الغرض قصيدة “الروض الخالد” للإمام الشافعي، والتي يصف فيها جمال الطبيعة ويحمد الله عليها، فيقول:
“ألم تر أن الله أرسل غيثه فأحيا به الأرضين بعد مواتها
فكل مراع غض قد ابتسمت به ترائبها مما بدا من نباتها
فلو لم يكن في الأرض إلا عجايب مخيلة في حسنها لمبانها
لكان وجود الأرض آية ظاهرة تنبي بقدرة قادر في سمائها”
كما اشتهر أبو تمام بقصائده التي يصف فيها جمال الطبيعة، ومنها قصيدته “السيف والريح”، والتي يصف فيها عاصفة رملية في الصحراء، فيقول:
“أرى الموت في عينيه حين أزايله ومن دونها أحيا فما الموت يقتل
وإني زعيم أن ثياب بنا ولم تعو إلا الخط والقلم
وعزمت في روحي على الحرب بعد ما بلاني التوكل واستتب الحزم”
جمال الروح
إلى جانب وصف جمال المرأة والطبيعة، تناول الشعراء العرب أيضًا موضوع جمال الروح، ومن أشهر القصائد التي تغنت بجمال الروح قصيدة “جمال الروح” للشاعر المتنبي، والتي يمدح فيها روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول:
“روح أتت فجعلت نورها في مقلتيها وكسيت لحمها جسدي
وهي التي شرفت بدمع عينها خدي وأشرفت بشفتيها على فمي
فروحها روحي ووجهها وجهي وأذنها سمعي ولفظها فهمي
وإن وقعت بيني وبينك قطعة كانت حياتي فيك بعض الذي فيهم”
كما اشتهر أبو العلاء المعري بقصائده التي تصف جمال الروح، ومنها قصيدته التي يصف فيها نفسه، فيقول:
“أنا من جملت من أبغضوا زمانهم ألا لعن الله الدهر من دهر
فقلت لنفسي ما لكي أشتغلين كما شغلوا بلذة منـه أو نكد
وأجمعت ألّا أنس ما کنت واعيا وأن أقضي حياتي بما كنت أجهد”
يعد وصف الجمال من أهم وأشهر أغراض الشعر العربي قديمًا وحديثًا، وتنوعت أشكال وصف الجمال في الشعر العربي بين وصف جمال المرأة والطبيعة والروح، وقد أبدع الشعراء العرب في