كلام غزل عن الجمال
الجمال هو هبة من الله تعالى، وعلامة من علامات كرمه وعظيم قدرته، وقد تغزل الشعراء على مر العصور في جمال الإنسان والطبيعة، ووصفوا مفاتنه بأروع الكلمات وأبلغ العبارات.
الجمال الخارجي
يظهر الجمال الخارجي في المظهر العام للإنسان سواء في تقاسيم الوجه أو القوام، وهو ما تجذب به الأنظار، وقد تغزل الشعراء قديمًا وحديثًا في جمال العيون والشفاه والقد، وفي كل ما يلفت الانتباه في مظهر الإنسان.
فمن غزل العيون قال أبو نواس:
رأيت عيونًا ما رأيتُ محاسن
فاقت الشمس منهاهُا والبدرُ زانها
ولكن غرامي للمليحة أعمى
بصيرتي عنها ومنظرها شانها
ومن غزل الشفاه قال المتنبي:
خذي منّي هواكِ فقد أردتُ
وتاركني ولكن لا تزاريني
وأرسل لي سلامًا لا تكلفهُ
ففي شفتيكِ منهُ من يقومُ بآيني
جمال الروح
وهو أهم أنواع الجمال وأبقاه، فجمال الروح ينبع من الصفات الحميدة والأخلاق النبيلة التي يتحلى بها صاحبها، وهو ما يجعله جذابًا ومحبوبًا لدى الآخرين.
فمن غزل جمال الروح قال الإمام علي بن أبي طالب:
فما الجمالُ بأثوابِ تزينُها
ولكن الجمالُ جمالُ النفوسِ
وخيرُ الجمالِ ما كان صاحبهُ
حسن السرائرِ طيبُ الشموسِ
جمال الطبيعة
وهو جمال يبعث على السرور والراحة النفسية، وينعكس إيجابيًا على الإنسان فيشعره بالسعادة والطمأنينة، وقد تغزل الشعراء العرب في جمال الطبيعة منذ أقدم العصور.
فمن غزل جمال الصحراء قال الشاعر العربي القديم:
أحبُّك يا صحراءُ ما لي غير حبكِ
فكيف أراكِ اليوم في الكثبِ أرقبُ
وفيكِ نوىً ما إن ذكرتُ محاسنًا
من الحسن إلاّ أقبلت تتقربُ
جمال المدينة
وهو جمال عمراني يتمثل في المباني الشاهقة والحدائق الغناء والشوارع المضاءة، وقد تغزل الشعراء في جمال المدن الكبرى التي زاروها سواء في الشرق أو الغرب.
فمن غزل جمال مدينة باريس قال الشاعر الفرنسي فيكتور هوجو:
يا باريسُ أنتِ درةُ العواصمِ
وأيقونةُ الجمالِ والفنونِ
وإنّي أنعمُ بالعيشِ فيكِ
فأنّكِ مهبطُ الوحيِ والالهامِ
جمال الفن
وهو جمال إبداعي يتجلى في اللوحات الفنية والمنحوتات والقصائد الشعرية، وقد تغزل الشعراء قديمًا وحديثًا في جمال الفن، معبرين عن إعجابهم بالمبدعين الذين يترجمون الجمال إلى أعمال فنية خالدة.
فمن غزل جمال الفنون قال الشاعر المصري أحمد شوقي:
يا أيها الفنُّ الجميلُ المنيرُ
يا باعثَ الروحِ الحزينةِ من غيَرِ
أنتَ الذي أحييتَ ما مات في النفوسِ
وأوقدتَ في مُقْلتيها بصائرِ
جمال الكلمة
وهو جمال لغوي يظهر في قوة المعنى وسحر اللفظ، وقد تغزل الشعراء في جمال الكلمة، معبرين عن إعجابهم بالبلاغة والفصاحة التي يتحلى بها بعض الكتاب.
فمن غزل جمال الكلمة قال الشاعر العراقي بدر شاكر السياب:
لا تنطقوا الكلمةَ ما لم تغمسوها
في بحر إحساسكمُ الدافقِ الزاخرِ
فالكلمةُ الميتةُ المستعملةُ
تُخنقُ في مهجرِها نَفَسَ الشاعرِ
جمال الإنسان
وهو جمال شامل يجمع بين الجمال الخارجي والجمال الداخلي، ويظهر في التناسق بين الشكل والمعنى، بين الجمال والروعة، وهو ما يعبر عنه الشاعر العربي القديم بقوله:
ليس الجمالُ بأن يُمسحَ وجهُكَ
حسِبًا ولكنهُ ما بانَ فيكَ
فسِرْ جمالاً تُرى آثارُهُ لكَ
في كلِ عينٍ وفي كلِّ مليكِ
الجمال هو نور يضيء حياة الإنسان، وهو قوة تدفعه نحو الخير والكمال، وقد تغزل الشعراء في الجمال على مر العصور، وعبروا عن إعجابهم به بأروع الكلمات وأبلغ العبارات.