بر الوالدين من أعظم الفضائل وأجل القربات، وقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم على برهما وإكرامهما، فقال سبحانه: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا”.

وقد جعل الله تعالى عقوبة شديدة لمن يعق والديه، فقال تعالى: “والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا”.
فضل بر الوالدين
{|}
لبِر الوالدين فَضْل عظيم وأجر كبير، ومن ذلك:
- رضا الله تعالى:
فبر الوالدين من أعظم أبواب مرضاة الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين”.
- زيادة الرزق والبركة:
فبر الوالدين سبب لزيادة الرزق والبركة في المال والولد وكل شؤون الحياة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحسن إلى والديه زاده الله في عمره ووسع عليه في رزقه”.
- حصول النصر والظفر:
فبر الوالدين سبب لنصر الله تعالى وتوفيقه في الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بر الوالدين من جهاد في سبيل الله”.
أشكال بر الوالدين
{|}
يأخذ بر الوالدين أشكالًا متعددة، منها:
- بر الوالدين في حياتهما:
وذلك من خلال طاعتهما وإكرامهما، والإنفاق عليهما، والرفق بهما، والمداومة على دعائهما والاستغفار لهما.
- بر الوالدين بعد موتهما:
وذلك من خلال أداء ديونهما، وقضاء وصاياهما، والإحسان إلى أقاربهما وأصدقائهما، وصلة رحمهما.
- طاعة الوالدين:
يجب على الولد طاعة والديه في كل ما أمراه به إلا في معصية الله تعالى، قال تعالى: “وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما”.
حقوق الوالدين على الأبناء
للآباء على أبنائهم حقوق متعددة، منها:
- حسن المعاملة:
يجب على الأبناء معاملة والديهم معاملة حسنة، وذلك من خلال قول القول الطيب، وخفض الجناح لهما، وعدم رفع الصوت عليهما.
- برهما وصلة رحمهما:
يجب على الأبناء بر والديهم وصلة رحمهما، وذلك من خلال زيارتهما، والاعتناء بهما، والإحسان إليهما.
- إطاعتهما:
يجب على الأبناء طاعة والديهم في كل ما أمروه به إلا في معصية الله تعالى، قال تعالى: “وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما”.
آداب بر الوالدين
ينبغي مراعاة بعض الآداب عند بر الوالدين، منها:
- النية الصالحة:
{|}
يجب أن تكون نية الولد عند بر والديه صالحة، وذلك من خلال إخلاص النية لله تعالى، وابتغاء مرضاته.
- الرفق واللين:
ينبغي للولد أن يتعامل مع والديه بالرفق واللين، وذلك من خلال عدم رفع الصوت عليهما، وعدم معاتبتهما بشدة.
- التواضع والإحسان:
ينبغي للولد أن يتواضع أمام والديه، ويحسن إليهما، وذلك من خلال تقديرهما واحترامهما، وتلبية حاجاتهما.
أمثلة على بر الوالدين
ذكر القرآن الكريم والسنة النبوية أمثلة كثيرة على بر الوالدين، منها:
- قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام:
قال تعالى: “وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصنامًا آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين * قال أرأيت ما كنت تعبد أنت وآباؤك من قبل إني أراك في ضلال مبين * قال أبعد الحق تجادلني أتجعل الآلهة إلهًا واحدًا إنك لفي ضلال مبين”.
- قصة سيدنا يوسف عليه السلام:
{|}
قال تعالى: “ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدًا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم”.
- قصة الصحابي الجليل عاقر بن حابس رضي الله عنه:
عن عاقر بن حابس رضي الله عنه قال: “أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني لأبر والدتي فقال عليك بها*”, قال: “فأتيته الثانية فقال عليك بها”, قال: “فأتيته الثالثة فقال عليك بها، ولو كانت عشرة لقلت عليك بها، ثم قال: ألا وإنهن لا يجزي عليك حقيهن أبدًا إلا أن تموت وعليهما تبكيان عليك”.
بر الوالدين في الدين الإسلامي
وضع الدين الإسلامي بر الوالدين في مكانة عالية، وحث عليه في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، فمن الآيات القرآنية التي تحث على بر الوالدين قوله تعالى: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا”.
وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهمية بر الوالدين في العديد من الأحاديث الشريفة، منها قوله: “بر الوالدين من جهاد في سبيل الله”.
الخاتمة
{|}
إن بر الوالدين من أعظم الفضائل وأجل القربات، وقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم على برهما وإكرامهما، فينبغي علينا أن نبر والدينا ونحسن إليهما، ونطيعهما في كل ما أمرا به إلا في معصية الله تعالى، وإن في برهما سعادة الدنيا والآخرة.