المقدمة
الغزل فن أدبي راقٍ، يعبّر فيه الشاعر عن مشاعره الجيّاشة تجاه المحبوب، بما فيها من رقة وإعجاب ووله. وقد قيل في الغزل كلام كثير ومعانٍ بديعة، لا سيما في الشعر العربي القديم، الذي اشتهر بشاعرية متميزة في هذا الجانب، وتعدّدت فيه أشكال الغزل، وأبدع شعراؤه في رسم صور المحبوبة والتغني بجمالها.
وصف المحبوبة
وصف الشاعر العربي المحبوبة بكل ما أوتي من براعة، فتحدث عن عينيها فتارة يشبههما بالغزال، وتارة يرى فيهما نجوم الليل المتلألئة. ولم يغب عن شعره وصف شعرها وابتسامتها وجسمها الممشوق، الذي يستحيل وصفه لكثرة محاسنه.
كما وصف الشاعر العربي لون بشرة المحبوبة، فرآه مرة مثل الثلج ناصع البياض، ومرة أخرى كالذهب الخالص يلمع تحت الشمس، ومرّة أخرى كالورد الأحمر الذي يفوح بعطره في الحدائق.
ولم يغفل الشاعر عن وصف المحبوبة من خلال ملابسها، فرأى فيها ما يزيدها جمالاً على جمال، فوصف حُليها وأقراطها، وأثنى على ثوبها وقصره.
الغزل العذري
{|}
هو نوع من الغزل الذي يتسم بالعفة والطهر، ويقوم على الصبر والوفاء، ويبتعد عن الغريزة الجنسية. وتغنى شعراء الغزل العذري بمحبوباتهم، وأبدعوا في وصفهم التزامهم بالأخلاق الحميدة، وحبهم العميق الذي لا يطمع في الوصول إلى الجسد.
ويعتبر قيس بن الملوح أشهر شعراء الغزل العذري، حيث تغنى بحب ليلى التي أحبها بصدق وعذاب، وتوفي في النهاية بسببها.
{|}
ومن روائع الغزل العذري قول الشاعر جميل بن معمر: “ألا ليتني أصبحتُ طيراً فوفـقـتُ/ إلى حومة الحمى، في كنفها السقـمُ/ أقـبـلُ ثـغـرك، والعينـان نائمتـان/ ويـرقـبـنـي، على حذري، جفـونُـهـم”.
{|}
الغزل الصوفي
هو نوع من الغزل الذي يرى فيه الشاعر في المحبوبة رمزاً للحقيقة الإلهية، فيحبها حباً روحياً ويشوق إليها شوقاً روحياً، ويعاني من هجرها وآلام الفراق.
ويعتبر محيي الدين بن عربي أشهر شعراء الغزل الصوفي، حيث ألف في الغزل ديواناً شهيراً بعنوان “ترجمان الأشواق”، وعبر فيه عن حبه لله وللأنبياء وللأولياء.
ومن روائع الغزل الصوفي قول محيي الدين بن عربي: “دم المحبين لا يعقل/ بدمع وجد وأنات/ فحب رب العالمين/ يدير الكون في آيات/ وفي التوحيد للعارفين/ حبيب الحب في الكل جلي”.
الغزل الوجداني
هو نوع من الغزل الذي يقوم على التعبير عن المشاعر والأحاسيس الشخصية، ويتغنى فيه الشاعر بجمال المحبوبة وأخلاقها وكرمها وفنائها فيه.
ويعتبر عمر بن أبي ربيعة أشهر شعراء الغزل الوجداني، حيث اشتهر بغزله النسائي الذي تميز بالرقة والرقة والوصف الدقيق.
ومن روائع الغزل الوجداني قول عمر بن أبي ربيعة: “فإنك كالليل المليح المظلم/ وإنك شمس لا يرام مطالعها/ وهل أحد إلا ويرضى بليلة/ يبيت بها المشغوف منك وينقطع”.
{|}
الغزل الحسي
هو نوع من الغزل الذي يتغنى فيه الشاعر بجمال المحبوبة الجسدي، ويصف مفاتنها وأطرافها وصفاً صريحاً.
{|}
ويعتبر أبو نواس أشهر شعراء الغزل الحسي، حيث اشتهر بغزله الصريح الذي لا يخجل من التعبير عن الرغبة والتوق.
ومن روائع الغزل الحسي قول أبي نواس: “خذي إليك فإني لست قابلكم/ إلا بـقــــــلبٍ يذوب من حرارة/ وجــسمٍ من طول الهوى حـــالـةٍ به/ بارومن فــاق الدهان وأطــيبـه”.
هو نوع من الغزل الذي يتغنى فيه الشاعر بحب الوطن أو الحاكم، ويصف محاسنه وأمجاد