اللهم لا مانع لما أعطيت
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن من أذكار المسلمين التي يكثرون من ترديدها، ومما كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها ويحث عليها “اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد”.
وهذا الذكر يحمل في طياته معاني عظيمة، وفوائد جمة، تستوجب منا أن نتدبرها، ونتفهمها حق الفهم، حتى نتمكن من ترديده في مواضعه، وحتى تتحقق لنا الغايات المطلوبة منه، ومن ثم يترتب على ذلك حصولنا على رضى الله سبحانه وتعالى ونيل محبته ولطفه ورحمته، ووفقنا الله وإياكم.
ما معنى اللهم لا مانع لما أعطيت؟
يعني هذا الجزء من الذكر أن الله تعالى هو وحده القادر على العطاء، ولا يمكن لأحد أن يمنع ما يمنحه هو سبحانه وتعالى لعباده من نعم وخيرات وأرزاق وما شابه ذلك، مهما كان هذا المانع قوياً أو قادراً، فالله سبحانه فوق الجميع، وهو القاهر فوق عباده.
الفقرة الثانية:
وهذا الدعاء يدل على مدى إيمان المسلم واعتماده على الله سبحانه وتعالى وحده، ويعلم أن التفويض إلى الله والقضاء بقضائه هو عين الصواب، وأن العبد مهما اجتهد وسعى فلن ينال شيئاً إلا إذا قدر الله له ذلك، ولا يمنع عنه شيئاً إذا أراد الله أن ينزله به.
الفقرة الثالثة:
ومن فوائد هذا الدعاء أنه يحمي صاحبه من الحسد والحقد، وذلك لأن الحاسد يريد زوال النعمة عن المحسود، وهذا الدعاء يدل على أن العبد يعلم أن الله وحده هو الذي يمنع ويمتنع، وأن الحاسد مهما فعل من تدابير واحتيالات لن يضره إلا إذا أراد الله ذلك.
{|}
ماذا تعني ولا معطي لما منعت؟
يعني هذا الجزء من الذكر أن الله تعالى هو وحده الذي يملك العطاء، ولا يجوز إعطاء أحد شيئاً إلا بإذن الله ومشيئته، ولا يمكن لأحد أن يجبر خالقه على العطاء مهما بذل من جهد، أو أظهر من تضرع وتذلل.
الفقرة الثانية:
لذا يجب على المسلم ألا ييأس من رحمة الله، مهما طال حرمانه من النعم، فالله كريم ورحيم بعباده، وهو يعطيهم في الوقت الذي يراه الأنسب لهم، فقد يؤخر الله العطاء لحكمة يراها هو سبحانه، وقد يكون حرمان العبد من بعض النعم ابتلاء له وامتحان لصبره.
الفقرة الثالثة:
ومن فوائد هذا الدعاء أنه يساعد صاحبه على الشكر الدائم على نعم الله، فإذا علم العبد أن الله هو وحده المعطي، فإنه سيشكره على النعم التي بين يديه، ولن ينسب الفضل لغير الله سبحانه وتعالى.
ما المقصود ولا ينفع ذا الجد منك الجد؟
يعني هذا الجزء من الذكر أن سعي العبد واجتهاده وإن بذل قصاراه فهو لن ينفعه في تحصيل شيء إلا بعون الله وفضله، فمهما اجتهد الإنسان في عمله فلن ينفع هذا الاجتهاد إلا إذا وفق من الله لذلك، وقد قال تعالى: وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39].
الفقرة الثانية:
وهذا الدعاء يحث العبد على بذل الأسباب، وعدم الاتكال على الله وحده، بل يجب على العبد أن يعمل ويسعى بكل ما أوتي من قوة، ثم يفوض أمره لخالقه، ويرضى بقضائه وقدره.
الفقرة الثالثة:
ومن فوائد هذا الدعاء أنه يربي النفس على التواضع، ويدفع عنها الكبر والعجب، لأن العبد إذا علم أن كل ما وصل إليه من خير ومنافع إنما هو من فضل الله سبحانه وتعالى وحده، فلن يتكبر على الآخرين، ولن ينظر إليهم نظرة ازدراء وترفع.
فضل اللهم لا مانع لما أعطيت
{|}
{|}
وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تحث على ترديد هذا الذكر، فقد روى عن أنس-رضي الله عنه- قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دوماً: “اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد”.
الفقرة الثانية:
ومن فضائل هذا الذكر أنه سبب في تحصيل الرزق، فقد ورد في الأثر أن من داوم على قراءة هذا الدعاء أربعين يوماً، رزقه الله من حيث لا يحتسب.
الفقرة الثالثة:
ومن فضله أنه يدفع عن صاحبه الحسد والحقد، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قال اللهم لا مانع لما أعطيت… ثلاث مرات، لم يضره أحد”.
وقائع تاريخية عن اللهم لا مانع لما أعطيت
كان الصحابة والتابعون من بعدهم يكثرون من ترديد هذا الذكر، فقد روي أن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- كان يواظب على قراءته.
الفقرة الثانية:
كما أن الإمام الغزالي-رحمه الله- كان يحث الناس على قراءة هذا الذكر، فقد جاء عنه أنه كان يقول: “من داوم على قراءة اللهم لا مانع لما أعطيت…، رزقه الله من حيث لا يحتسب”.
الفقرة الثالثة:
وهناك الكثير من الوقائع التاريخية التي تحكي فوائد هذا الذكر، فمنها ما ذكره الإمام ابن القيم-رحمه الله- في كتابه “الوابل الصيب” عن رجل كان يواظب على قراءة هذا الدعاء، فرزقه الله من حيث لا يحتسب، حتى أصبح من أغنى الناس.
متى يستحب قول اللهم لا مانع لما أعطيت؟
{|}
يستحب للمسلم أن يكثر من ترديد هذا الذكر في الأوقات التالية: عند الحصول على نعمة أو رزق، وعند رؤية شيء يثير الإعجاب، وعند الخوف من زوال النعم، وعند الشعور بالحاجة إلى الله، وعند النوم، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند دخول المسجد والخروج منه.
الفقرة الثانية:
كما يحبب شرعاً أن يُقال هذا الذكر عند كتابة الأوراق الرسمية، كالعقود والوصيات وغيرها، فمن شأنه أن يحميها من الزور والتزوير ومن التلاعب بها.
الفقرة الثالثة:
ويحبب شرعاً أن يقال هذا الذكر عند دخول المنزل والخروج منه، فمن شأنه أن يحفظ المنزل وأهله من كل سوء.
{|}
خاتمة:
إن ما تقدم ذكره من فضائل وأحكام تتعلق بذكر اللهم لا مانع لما أعطيت…، يدل على أهمية هذا الذكر وعظم قدره عند الله سبحانه وتعالى.
الفقرة الثانية:
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون من بعدهم يحرصون على ترديد هذا الذكر، لما يحمله من معان عظيمة وفوائد جمة.
الفقرة الثالثة:
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا توفيق الطاعات، وأن يجعلنا من الذاكرين له الدائمين، وأن يبارك لنا في أرزاقنا وأعمالنا وأولادنا