اللهم يامالك الملك تؤتي الملك من تشاء
إن الله سبحانه وتعالى هو وحده مالك الملك، وهو الذي يؤتي الملك لمن يشاء وينزعه عمن يشاء، ولا يشاركه أحد في ذلك، وهو المتصرف بالملك يفعل ما يشاء في ملكه، وقد ورد في القرآن الكريم في سورة آل عمران قوله تعالى: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير.
تدبير الله لأمور عباده
إن الله سبحانه وتعالى يعطي الملك لمن يشاء من عباده، وذلك عن طريق أسباب يقدرها ويجعلها هي أسباب حصول الملك، وذلك لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، فقد يعطي الله الملك للظالم أو الفاسق فتنة له أو زيادة له في إثمه، ولكن لا يدوم الملك له بل يزول عنه في الدنيا أو يؤاخذ به في الآخرة، وقد يعطي الله الملك للصالح ليمتحنه في شكره على هذا النعمة، أو لينفع به المسلمين، وقد يعطي الله الملك للمؤمن ليكون سببا لنشر العدل والحق في الأرض.
{|}
حكمة الله في إيتاء الملك ونزعه
{|}
أن من حكم الله سبحانه وتعالى في إيتاء الملك ونزعه، هو ابتلاء العباد واختبارهم، فقد يبتلي الله عبده بالملك فيمتحنه هل يشكر الله على هذه النعمة، ويستعمله فيما يقربه إلى الله وينفع به الناس، أم يستكبر ويتجبر ويظلم به، كما أن الله يبتلي عباده بنزع الملك وقد يكون ذلك خيرا لهم من بقائه، فيحتسب المسلم ذلك عند الله وينتقل عنه إلى حال أفضل في الدنيا أو الآخرة.
عواقب ظلم الملوك
إن من أهم عواقب ظلم الملوك، هو نقمة الله عليهم في الدنيا والآخرة، فظلم الملوك يعد من أعظم أنواع الظلم، حيث أنه ينال به جمع كبير من الناس، كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (تكون الحجة على الأئمة يوم القيامة أشد منها على غيرهم، لأنهم رعاة يرعون الناس، فسيسألون عن رعيتهم). وفي الحديث الشريف: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته أخرجه البخاري ومسلم.
صفات الملوك العادلين
ومن أهم صفات الملوك العادلين، أنهم يحكمون بشريعة الله ويقيمون العدل بين الناس دون ظلم أو جور، وأنهم يحافظون على مصالح الرعية ويسعون في تحقيقها، كما أنهم يراعون مصالح الأمة وينصرونها، ويدافعون عنها من أعدائها، ويأخذون على أيدي الظالمين، ويحمون الناس من الفتن والمكائد، ويكونون قدوة حسنة لرعيتهم في أقوالهم وأفعالهم.
{|}
آثار العدل في الملك
ومن أهم آثار العدل في الملك، استقرار البلاد وازدهارها، ورضا الناس عن ولاة أمورهم، وقوة الدولة وعزتها، كما أن العدل سبب من أسباب نصر الله للملوك ونصر جيوشهم، قال تعالى: وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله يحب المقسطين سورة المائدة الآية 42.
بركات الملك العادل
أن من أهم بركات الملك العادل، الأمن والأمان الذي يعيشه الناس، حيث يأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، كما أن الملك العادل سبب في زيادة الرزق وكثرة الخير في البلاد، كما أن العدل سبب في زيادة الإيمان والتقوى في قلوب الناس، قال تعالى: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض سورة الأعراف الآية 96.
واجب الرعية تجاه الملك العادل
أن من أهم واجبات الرعية تجاه الملك العادل، طاعته في غير معصية الله، ومناصرته ونصرته، والدعاء له، كما أن على الرعية القيام بالنصح للملك إذا أخطأ، وذلك من خلال بيان الحق له بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أن على الرعية النصيحة لله ولرسوله وولاة أمورهم وأئمة المسلمين بعامة، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم سورة النساء الآية 59.
واجب الملك العادل تجاه الرعية
{|}
أن من أهم واجبات الملك العادل تجاه الرعية، العدل بينهم وتوفير الأمن والأمان لهم، والعمل على تحقيق مصالحهم، كما أن على الملك العادل حماية الرعية من الأعداء، والعمل على نشر العلم والعدل والفضيلة بينهم، كما أن على الملك العادل أن يكون رؤوفا بالرعية رحيم بهم، قال تعالى: لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط سورة الحديد الآية 25.
استحقاق الله للملك
أن الله وحده المستحق للملك، فهو الذي خلقه وهو الذي يؤتيه لمن يشاء وينزعه عمن يشاء، ولا يستحق أحد الملك سواه، قال تعالى: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه سورة البقرة الآية 255، كما قال تعالى: وقال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد سورة غافر الآية 29، أي أنه لا أحد يهدي إلى الرشاد غير الله تعالى وحده. ولهذا فإن الإنسان مهما امتلك من قوة أو مال أو جاه، فإن ذلك لا يجعله مستحقا للملك، بل هو مستحق لله وحده.
وفي الختام، فإن الله سبحانه وتعالى هو وحده مالك الملك، وهو الذي يؤتيه لمن يشاء وينزعه عمن يشاء، ولا يشاركه أحد في ذلك، وهو المتصرف بالملك يفعل ما يشاء في ملكه، وقد ورد في القرآن الكريم في سورة آل عمران قوله تعالى: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير.