تراحيب المطر

تراحيب المطر

تراحيب المطر

مقدمة:

إنّ نزول المطر يُعدّ من أعظم النّعم التي يُنعم بها الله -عزّ وجلّ- على عباده، فهو يُعطي الحياة للأرض ويُروي عطشها، ويُحيي النبات ويُخصبها، ولذا حظي المطر باهتمام كبير عند العرب وتغنى الشعراء بمدحه، وفرح الناس بنزوله، وكانوا يستبشرون به خيرًا ورحمةً، يقول أبو الطيب المتنبي:

هي النّفسُ لا الجِسمُ تَروى غليلتَها مِن المِنهلِ العَذبِ الزُلالِ المصفّى
تراحيب المطر

فإن لم تَروَها مِن جوانبِ فِكرَتِها فَمِن أينَ تَرْوى ظامئاتِ المَعاني
تراحيب المطر

ولا غروَ أن يفرح العباد بنزول المطر، فقد قال الله -عزّ وجلّ-: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾ [الأنفال: 11]. ومن هنا كان استقبال المطر بنوع من التّرحيب والاحتفاء، وقد جرت العادة على هذا منذ القدم، وكان الناس يُسارعون إلى الخروج إلى السّاحات والأماكن المفتوحة لاستقباله، ومما قيل في ذلك:
تراحيب المطر

يا مطرًا هطلت علينا هات لنا السرور هات لنا

أنت الحياة للبشر والبهائم وللأرض المجدبة

فاسقِها واسقِنا واطرد عنا شحّ السنين واخلع عنا الكربة

حالات استقبال المطر عند العرب:

تراحيب المطر

كانت العرب تُعبّر عن فرحها بنزول المطر بعدّة طرق، وتتفاوت طرق الاحتفاء والإستقبال بحسب اختلاف البيئة والعادات والتقاليد، ومن أبرز هذه الطرق:
تراحيب المطر

الخروج لاستقبال المطر:

تراحيب المطر

كان العرب يخرجون إلى السّاحات والشوارع للترحيب بنزول المطر، فيسيرون في مواكب ويُهلّلون ويكبّرون، ويقولون الشعر ويغنّون، وتخرج النّساء والأطفال، ويصطحبون معهم الدّفوف والمزامير، ويغنّون الأناشيد الشعبيّة التي تُعبّر عن الفرح والسرور.
تراحيب المطر

إقامة الولائم:

كان بعض العرب يقيمون الولائم احتفالًا بنزول المطر، ويُذبحون الذّبائح ويُقدّمونها للناس، ويوزّعون الحلوى والطعام، ويتبادلون التّبريكات والتهاني، ويُقيمون حلقات الذّكر والتّلاوة، ويُصلّون ويدعون الله -عزّ وجلّ- أن يُبارك لهم في رزقهم ويحفظ عليهم نعمته.

إشعال النّيران:

تراحيب المطر

كان بعض العرب يُشعلون النّيران في السّاحات والشوارع عند نزول المطر، ويقفون حولها ويغنّون ويرقصون، ويُلعبون الألعاب، ويُلقون الكلمات والعبارات التي تُعبّر عن فرحهم وسعادتهم.
تراحيب المطر

الرّقص والغناء:

كان الرّقص والغناء من أشهر مظاهر الاحتفال بنزول المطر عند العرب، فكانوا يُغنّون الأناشيد الشعبيّة التي تُعبّر عن الفرح والسرور، ويُرقصون الدّبكات والدّحّات، ويُطربون على أصوات المزامير والدّفوف.

إطلاق العيارات النّارية:

إطلاق العيارات النّارية كان أحد مظاهر الاحتفال بنزول المطر عند بعض العرب، حيث كان يُعبّر عن الفرح والسّرور، ويُستخدم لإعلان نزول المطر وترحيب الناس به، وكان يُطلق من البنادق والمسدّسات في الهواء.
تراحيب المطر

تزيين الشّوارع والسّاحات:

تراحيب المطر

كان تزيين الشّوارع والسّاحات من مظاهر الاحتفال بنزول المطر عند بعض العرب، حيث كان يُزينونها بالنّباتات والأزهار والشّرائط الملّونة، ويُعلقون عليها الأعلام واللافتات التي تُعبّر عن الفرح والسرور.

إقامة المهرجانات:

إقامة المهرجانات من الاحتفالات الكبرى التي كانت تُقام عند نزول المطر عند بعض العرب، حيث كان يُتخللها عروضًا مختلفة، مثل: سباق الخيول والجمال، وعروض الفروسية، والعروض المسرحيّة والغنائيّة، وكان الناس يتوافدون من المناطق المجاورة لحضور هذه المهرجانات والمشاركة فيها.
تراحيب المطر

مظاهر الترحيب بالمطر في العصر الحديث:

مع تقدّم العصر وتغيّر أنماط الحياة، ظهرت مظاهر جديدة للترحيب بالمطر، تتمثّل في:

مشاركة مقاطع الفيديو والصور:

تراحيب المطر

مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الناس يشاركون مقاطع الفيديو والصور التي تُعبّر عن فرحهم بنزول المطر، ويُشاركون تجاربهم اليوميّة مع المطر، ويُعبّرون عن مشاعرهم من خلال الكلمات والعبارات.
تراحيب المطر

كتابة التّغريدات:

تراحيب المطر

تويتر من أكثر المنصّات التي تُعبّر عن مظاهر الفرح بنزول المطر، حيث ينشر الناس التّغريدات التي تُعبّر عن سعادتهم، ويُشاركون مقاطع الفيديو والصور، ويُتبادلون العبارات التي تُعبّر عن فرحهم.
تراحيب المطر

البث المباشر:

تراحيب المطر

البث المباشر من الطرق الحديثة للترحيب بالمطر، حيث يُبث الناس مقاطع فيديو مباشرة عبر منصّات التواصل الاجتماعي، ويُشاركون لحظات الفرح والسّرور مع متابعيهم.
تراحيب المطر

صناعة التّماثيل والأشكال:

تراحيب المطر

يصنع بعض الناس التّماثيل والأشكال التي تُعبّر عن المطر، مثل: تماثيل السّحب والمظلّلات وقطرات المطر، ويُزينون بها منازلهم وحدائقهم.
تراحيب المطر

إقامة الفعاليات:

تراحيب المطر

تُقيم بعض المؤسّسات والجمعيّات الفعاليات التي تُرحّب بالمطر، وتُتخللها عروض للألعاب النّاريّة، والعروض المسرحيّة والغنائيّة، والأنشطة الترفيهيّة المختلفة.

مظاهر الترحيب بالمطر في الأدب والفُنون:

حظي المطر باهتمام كبير في الأدب والفُنون، وتغنى به الشعراء والكتّاب، ورسمه الفنانون على لوحاتهم، ومن أبرز مظاهر الترحيب بالمطر في الأدب والفُنون:

الشّعر:

تراحيب المطر

تغنّى الشعراء العرب بالمطر في أشعارهم، ومن أشهر ما قيل في ذلك:

يا مطرًا هطلت علينا هات لنا السرور هات لنا
تراحيب المطر

أنت الحياة للبشر والبهائم وللأرض المجدبة

فاسقِها واسقِنا واطرد عنا شحّ السنين واخلع عنا الكربة

الأغاني:

غنّى المغنّون بالمطر في أغانيهم، ومن أشهر ما غنّي في ذلك:

يا مطر يا مطر يا مطر أنزل علينا من السّماء

يا مطر يا مطر يا مطر أنزل علينا يا رزّاق
تراحيب المطر

الرّسومات واللوحات:

رسم الفنانون المطر في لوحاتهم بأشكال وتجريدات مختلفة، ومن أشهر ما رسم في ذلك:

لوحة “المطر” للفنان فنسنت فان جوخ

لوحة “المطر على الأشجار” للفنان كلود مونيه
تراحيب المطر

لوحة “المطر في الحديقة” للفنان بيير أوغست رينوار

أثر المطر على الحضارة الإسلاميّة:

تراحيب المطر

كان المطر من العوامل المؤثّرة في بناء الحضارة الإسلاميّة، حيث استفاد المسلمون من مياه الأمطار في الرّيّ والزّراعة، وبناء السّدود والقنوات، وكانوا يُخزّنون مياه الأمطار في الآبار والخزّانات لاستخدامها في أوقات الجفاف، وكان المطر من العوامل التي ساعدت على انتشار الإسلام في المناطق الجافة، مثل: شبه الجزيرة العربيّة وشمال إفريقيا.

الآثار الإيج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *