قصيدة عن الطيب
وَالطَّيِّبُ وَالسُّلُوكُ أَمرَانِ ذَا بَاعٍ
فِيمَا ادَّعَى أُمُورٌ وَأَفْعَالُ
وَمَا طَابَ طَابَتْ أَخْلاَقُهُ مَعَهُ
وَمَا خَبُثَتْ أَخْلاقُهُ مِنْ سُوءِ فِعَالِ
تَفَتَّشْ عَنْكَ النَّفسَ تَعْلَمْ أَنَّهَا
وَسِيلَةُ جَذْبِ الرَّحْمَنِ وَإِكْمَالِ
الطيب يُضفي النور على النفس
فالطيبُ نورٌ يُضْفِي على النَّفْسِ السَّعَادَةَ والرِّضَا، وهو بمثابة بلسمٍ شافٍ للجراح النفسية، يقضي على الكآبة والضيق، وينير دروب الحياة المظلمة.
والطيبُ مرآةٌ تعكس صفاء القلب وجمال الروح، فمن طاب فعله طابت نيته، ومن طابت نيته انعكس ذلك على أقواله وأفعاله، فكان مصدر إلهامٍ للخير والفضيلة.
والطيبُ هو الذي يتحلى بالأخلاق الفاضلة، كالحلم والصبر والأمانة والكرم، وهو الذي يسعى لنشر السعادة والطمأنينة في قلوب الآخرين، فهو كالوردة التي تفوح بعطرها وتزين الحياة بجمالها.
صلة الطيب بالإيمان
فالطيبُ قرينُ الإيمان، فكما أن الإيمان نورٌ يُضيء القلب، فإن الطيبَ نورٌ يُضفي البهاء على الحياة برمتها، وهو من صفات المؤمنين الصالحين، الذين يحرصون على تطهير أنفسهم من كل سوءٍ وخبث.
وقد ربط الله عز وجل بين الطيب والإيمان في مواضع عديدة من كتابه الكريم، فقال تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: 122]، وقال: وَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [آل عمران: 76].
فالمتقون هم الذين يتقون الله في أقوالهم وأفعالهم، ويتحلون بالأخلاق الفاضلة، وهم الذين ينالون حب الله ورضوانه، ويطيبون في حياتهم ومماتهم.
الطيب يعود على صاحبه بالخير
فالطيبُ مَنْ يترك أثرًا طيبًا في نفوس من حوله، سواء بأقواله أو أفعاله أو معاملاته، وهو الذي يلقى التقدير والاحترام من الجميع، وينال ثناءً جميلاً في حياته وبعد مماته.
وقد قال الشاعر: “ومنْ يكُ ذا طيبٍ يُعرفْ، يُحبَّبْ إلى خلقهِ وإنْ عرفْ”، فالطيبُ كالماء الزلال الذي يروي العطاش ويشفي الجراح، وهو كالضوء الذي ينير الطريق ويبعث الأمل.
ومن ثمار الطيب في الدنيا والآخرة، أن ينال صاحبه محبة الناس ودعواتهم، وأن يُكتب له الأجر العظيم عند الله، فهو من الأعمال الصالحة التي تدخله الجنة بإذن الله تعالى.
ثمار الطيب في الدنيا والآخرة
فثمار الطيب في الدنيا والآخرة كثيرة ومتنوعة، فمن ثماره في الدنيا: الأمن والسعادة والطمأنينة، ومن ثماره في الآخرة: النجاة من النار ودخول الجنة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الطيب من كسبي الطيب، والطيب لا يخرج من الخبيث”، فكما أن الطيب في السلوك يقود إلى طيب في النتيجة، فإن الطيب في المال والرزق لا يأتي إلا من مصدرٍ طيب.
وعلى المسلم أن يسعى لتحقيق الطيب في جميع جوانب حياته، سواء في أقواله أو أفعاله أو معاملاته، فذلك هو السبيل لنيل رضوان الله والنجاة في الدارين.
الطيب في الإسلام
فالطيبُ في الإسلام يشمل جميع أنواع الخير، من طيب الأخلاق إلى طيب العمل، إلى طيب الكلام، إلى طيب النية، إلى طيب السمعة.
وقد حثنا ديننا الحنيف على التحلي بالطيب، وجعل منه سمةً مميزة للمؤمنين الصالحين، فقال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم خيرَ مثالٍ على التحلي بالطيب، فقد كان خلوقًا متواضعًا، حليمًا كريمًا، عفيفًا صادقًا، وكان يُعرف بجمال أخلاقه وعظيم صفاته.
الآثار السلبية للخبث
فكما أن للطيب آثاراً إيجابية تعود بالنفع على صاحبه، فإن للخبث آثاراً سلبية تضر بصاحبه وتسئ إلى سمعته.
ومن آثار الخبث: سوء الأخلاق، وكثرة المعاصي والذنوب، والنزول إلى الحضيض من الأخلاق والسلوك، وبغض الناس له وكراهيتهم له.
فاحذروا من الخبث وتوابعه، وتمسكوا بالطيب ومكارمه، فذلك هو السبيل إلى السعادة في الدارين.
سبل تحقيق الطيب
ويمكن تحقيق الطيب من خلال اتباع جملة من الخطوات، منها:
– تزكية النفس وتطهيرها من الأخلاق السيئة.
– مصاحبة الصالحين والتأسي بهم.
– قراءة القرآن الكريم والعمل بما فيه من مواعظ وحكم.
وختامًا، فإن الطيب هو زاد الحياة الدنيا والآخرة، وهو الذي يُعلي المرء إلى مصاف الصالحين، ويُدخله الجنة بإذن الله.
فاجتهدوا لتحقيق الطيب في جميع مناحي حياتكم، فإن خير الزاد التقوى، وخير العمل الطيب.