كفى بالله وكيلا

كفى بالله وكيلا

مقدمة

إن من أعظم العبارات التي تطمئن القلب وتزيل عنه الهموم والغموم هي قول “كفى بالله وكيلا”، ففي هذه العبارة إقرار بأن الله وحده هو الكفيل بنا، وهو القادر على تدبير أمورنا وحفظنا من كل مكروه.

الأمانة الإلهية

عندما نقول “كفى بالله وكيلا”، فإننا نعترف بأن الله هو الأمين على عهده ووعده، وهو الذي لا يخلف الميعاد. ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ”، أي أن من يجعل الله وحده معتمداً له، يكفيه الله ويرعاه ويسدد خطاه.

وهذا ما اختبره الأنبياء والمرسلون والصديقون على مر التاريخ، فقد وكلوا أمورهم إلى الله تعالى فكفاهم وأعانهم، وأزال عنهم الضر والأذى.

ومن أمثلة الأمانة الإلهية قصة سيدنا موسى عليه السلام، عندما أرسله الله برسالة إلى فرعون، فوكل موسى أمره إلى الله تعالى، وأيقن أن الله معه وسيحميه من بطش فرعون وجنوده. ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ، فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ”، أي أن الله أمر موسى أن يلقي عصاه، فإذا بها تبتلع جميع الحبال والعصي التي ألقاها سحرة فرعون، وذلك دلالة على قوة الله تعالى ونصره لعباده المؤمنين.

التوكل على الله

إن التوكل على الله هو السبيل الأمثل للراحة النفسية والطمأنينة القلبية، فمن توكل على الله فقد تخلص من قلق الدنيا وهمومها، وألقى بهمومه على من هو أقدر على حملها.

وفي الحديث النبوي الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً”، أي أن من توكل على الله حق التوكل، فسيرزقه الله كما يرزق الطيور، فهي تخرج في الصباح جائعة، وتعود في المساء وقد شبعت.

والتوكل على الله لا يعني التواكل والكسل، بل يعني بذل الأسباب والحرص على العمل، مع توكل القلب على الله تعالى، فالمسلم يعمل ويجتهد ويبذل أقصى ما في وسعه، ثم يترك النتيجة لله تعالى، فهو القادر على تدبير الأمور وتسخير الأسباب.

حفظ الله

إن من يتوكل على الله ويجعله وكيلاً له، فإن الله يحفظه بعين رعايته ويرعاه من كل مكروه، ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا”، أي أن الله تعالى حفظ عباده المؤمنين من شرور أعدائهم ومكائدهم.

وهناك العديد من الأمثلة على حفظ الله لعباده المؤمنين، فمن ذلك قصة سيدنا يوسف عليه السلام، عندما تعرض لمحنة السجن ظلماً، فوكل أمره إلى الله تعالى، فحفظه الله من كيد السجناء، وجعله عزيزاً مكيناً.

ومن أمثلة حفظ الله أيضاً قصة أصحاب الكهف، عندما ناموا في الكهف ثلاثمائة وتسع سنين، فحفوظهم الله تعالى من شرور الكافرين، وأيقظهم الله بعد ذلك سالمين غانمين.

إعانة الله

إن من توكل على الله، وكفى بالله وكيلاً، فإن الله يعينه على تخطي الصعاب والشدائد، ويسهل له أموره، ويمد له يد العون والمساعدة.

وفي الحديث النبوي الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استعينوا بالله ولا تعجزوا، وإن نال أحدكم من أخيه شيء فليصبر، وليقل: كفى بالله وكيلاً”، أي أن المسلم إذا أصابه ضر أو أذى من أخيه المسلم، فعليه أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله تعالى، وعليه أن يقول: كفى بالله وكيلاً.

ومن أمثلة إعانة الله لعباده قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما ألقاه الكافرون في النار، فوكل أمره إلى الله تعالى، فنجاه الله من النار، وأنقذه من كيد الكافرين.

نصر الله

إن من توكل على الله، وجعل الله وكيلاً له، فإن الله ينصره على أعدائه، وينصر دينه، ويرزقه العزة والتمكين.

وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”، أي أن من ينصر الله وينشر دينه، فإن الله ينصره ويقوي عزيمته، ويزيد من توفيقه.

وهذا ما حدث مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عندما كان يدعو إلى الإسلام ويواجه الكفار، فتوكل على الله تعالى، ف نصره الله على أعدائه، وأظهر دينه على جميع الأديان.

رزق الله

إن من توكل على الله، وجعل الله وكيلاً له، فإن الله يرزقه من حيث لا يحتسب، ويسهل له أسباب الرزق.

وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”، أي أن من يتقي الله ويتوكل عليه، فإن الله يجعل له فرجاً ومخرجاً من كل ضيق، ويرزقه من حيث لا يحتسب.

وهناك العديد من الأمثلة على رزق الله لعباده المؤمنين، فمن ذلك قصة سيدنا داود عليه السلام، عندما كان يجاهد في سبيل الله، فتوكل على الله تعالى، فرزقه الله النصر والغنيمة الكثيرة.

الخاتمة

إن قول “كفى بالله وكيلاً” هو بمثابة مفتاح السعادة والطمأنينة في الحياة الدنيا، فمن توكل على الله حق التوكل، وجعل الله وكيلاً له، فإن الله يكفيه كل أمره، ويحفظ عليه دينه ودنياه.

فالواجب على كل مسلم أن يعيش معنى هذه العبارة العظيمة، وأن يجعلها منهجاً لحياته، فيتوكل على الله في جميع أموره، ويجعل الله وحده معتمداً له.

فإذا فعل ذلك، فإن الله يكفيه كل أمره، ويحرسه بعين رعايته، وينصره على أعدائه، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ويجعله من الفائزين في الدنيا والآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *