جولان مشقر: هضبة سورية استراتيجية ومحتلة
جولان مشقر هي هضبة بركانية تقع في جنوب غرب سوريا، وتشكل جزءًا من مرتفعات الجولان. وقد احتلتها إسرائيل منذ حرب الأيام الستة عام 1967، ولا تزال تحتلها حتى اليوم.
جغرافيا جولان مشقر
تبلغ مساحة جولان مشقر حوالي 1200 كيلومتر مربع، وهي محاطة من ثلاث جهات بجبال الجليل في إسرائيل، ومن جهة واحدة بوادي الأردن. وتتكون الهضبة بشكل أساسي من الصخور البركانية، وهي غنية بالينابيع الطبيعية.
تنحدر جولان مشقر تدريجيًا من الشمال إلى الجنوب، وتصل أعلى نقطة فيها إلى حوالي 1200 متر فوق مستوى سطح البحر. وتتميز الهضبة بمناخها المعتدل، مع فصول صيف حارة وجافة وفصول شتاء باردة ورطبة.
تاريخ جولان مشقر
استوطنت جولان مشقر منذ العصور القديمة، وشهدت مرور العديد من الحضارات على مر الزمن. فقد كانت جزءًا من مملكة إسرائيل في القرنين التاسع والعاشر قبل الميلاد، وفي وقت لاحق أصبحت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. وفي القرن السابع الميلادي، فتح العرب جولان مشقر، وبقيت تحت الحكم الإسلامي حتى القرن الحادي عشر.
في القرن الحادي عشر، احتل الصليبيون جولان مشقر وأقاموا فيها العديد من القلاع والحصون. واستعاد المسلمون السيطرة على الهضبة في القرن الثالث عشر، وبقيت تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى.
جولان مشقر في العصر الحديث
بعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت جولان مشقر جزءًا من الانتداب الفرنسي على سوريا. وفي عام 1948، أعلنت إسرائيل استقلالها واحتلت جزءًا كبيرًا من مرتفعات الجولان، بما في ذلك جولان مشقر. وفي حرب الأيام الستة عام 1967، احتلت إسرائيل كامل مرتفعات الجولان، بما في ذلك جولان مشقر، ولا تزال تحتلها حتى اليوم.
واليوم، يقطن جولان مشقر حوالي 25000 نسمة، معظمهم من الدروز الذين يعيشون في قرى في الجزء الشمالي من الهضبة. ويعتمد اقتصاد جولان مشقر بشكل أساسي على الزراعة والسياحة.
النزاع على جولان مشقر
لطالما كان هناك نزاع بين سوريا وإسرائيل على جولان مشقر. فقد طالبت سوريا باستعادة الهضبة، لكن إسرائيل رفضت الانسحاب. وفي عام 1981، ضمت إسرائيل جولان مشقر، لكن هذا الضم لم يعترف به دوليًا.
الموقف السوري
تعتبر سوريا جولان مشقر جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وتسعى إلى استعادتها. وقد رفضت سوريا الاعتراف بضم إسرائيل للهضبة، وتطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب.
وتؤكد سوريا أن احتلال إسرائيل لجولان مشقر ينتهك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي. وتشير إلى أن إسرائيل استخدمت الهضبة لأغراض عسكرية، بما في ذلك إنشاء مستوطنات وبناء جدار فاصل.
وتدعو سوريا إلى حل سلمي للنزاع على جولان مشقر، يقوم على أساس قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي يدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة.
الموقف الإسرائيلي
تدعي إسرائيل أن جولان مشقر لها أهمية استراتيجية بالنسبة لأمنها، وأنها لن تنسحب منها. وتشير إسرائيل إلى أن الهضبة توفر لها منطقة عازلة مع سوريا، وأنها تمنع القوات السورية من إطلاق النار على إسرائيل من مواقع مرتفعة.
وتؤكد إسرائيل أيضًا أن لديها روابط تاريخية مع جولان مشقر، وأنها استثمرت بكثافة في تنمية الهضبة. وتشير إلى أن معظم سكان جولان مشقر هم من الدروز الذين يشعرون بالولاء لإسرائيل.
وترفض إسرائيل الضغوط الدولية للانسحاب من جولان مشقر، وتصر على أن أي مفاوضات بشأن الهضبة يجب أن تتم في إطار تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي.
الموقف الدولي
يدين المجتمع الدولي بشكل عام احتلال إسرائيل لجولان مشقر، ويعتبره انتهاكًا للقانون الدولي. وقد تبنى مجلس الأمن الدولي عدة قرارات تدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الهضبة، لكن إسرائيل لم تمتثل لهذه القرارات.
وتدعم الولايات المتحدة وروسيا المفاوضات بين سوريا وإسرائيل بشأن جولان مشقر، وتدعوان إلى حل سلمي للنزاع. ومع ذلك، لم تحقق هذه المفاوضات أي تقدم حتى الآن، ولا تزال جولان مشقر تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وتسبب النزاع على جولان مشقر في توترات بين سوريا وإسرائيل على مر السنين، وقد أدى إلى أعمال عنف متقطعة. ويعتبر حل هذا النزاع عنصرًا رئيسيًا في تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
الاستيطان الإسرائيلي في جولان مشقر
بعد احتلال إسرائيل لجولان مشقر في عام 1967، بدأت في إقامة مستوطنات في الهضبة. يوجد اليوم حوالي 30 مستوطنة إسرائيلية في جولان مشقر، حيث يعيش فيها حوالي 20000 مستوطن.
الشرعية الدولية
يعتبر المجتمع الدولي المستوطنات الإسرائيلية في جولان مشقر غير قانونية بموجب القانون الدولي. وقد تبنى مجلس الأمن الدولي عدة قرارات تدعو إسرائيل إلى وقف الاستيطان والانسحاب من الأراضي المحتلة، بما في ذلك جولان مشقر.
وتؤكد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن المستوطنات غير قانونية، وتدعو إسرائيل إلى وقفها. ومع ذلك، ما زالت إسرائيل تواصل بناء المستوطنات في جولان مشقر، وتدعي أنها ضرورية لأمنها.
ويخشى الفلسطينيون والسوريون من أن الاستيطان الإسرائيلي في جولان مشقر يهدف إلى ضم الهضبة بشكل دائم إلى إسرائيل. ويحذرون من أن ذلك سيؤدي إلى المزيد من الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة.
الآثار الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي
لقد كان للاحتلال الإسرائيلي لجولان مشقر آثار اقتصادية مدمرة على سوريا. فقد أدى الاحتلال إلى خسارة سوريا لأراضيها الزراعية الخصبة ومواردها المائية، والتي كانت تمثل مصدرًا مهمًا للعائدات. كما أدى الاحتلال إلى تدمير البنية التحتية السورية في جولان مشقر وإعاقة التنمية الاقتصادية في الهضبة.
الزراعة
كانت جولان مشقر مركزًا مهمًا للزراعة في سوريا قبل الاحتلال الإسرائيلي. كانت الهضبة تنتج محاصيل مثل القمح والشعير والزيتون والفواكه. ومع ذلك، فقد أدى الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير الكثير من الأراضي الزراعية في جولان مشقر، ونهب الموارد المائية، مما أدى إلى انخفاض كبير في الإنتاج الزراعي.
وقد أقام المستوطنون الإسرائيليون مزارع في جولان مشقر وصادروا أراضي المزارعين السوريين. واستخدم المستوطنون كميات كبيرة من المياه لري محاصيلهم، مما أدى إلى استنزاف موارد المياه الجوفية في الهضبة.
ويعاني المزارعون السوريون في جولان مشقر من صعوبات كبيرة في الوصول إلى مزارعهم بسبب القيود التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي. كما يواجهون مضايقات واعتداءات من قبل المستوطنين الإسرائيليين.
السياحة
كانت جولان مشقر أيضًا وجهة سياحية رئيسية في سوريا قبل الاحتلال الإسرائيلي. كانت الهضبة موطنًا لعدد من المواقع التاريخية والأثرية، بما في ذلك قلعة الصبيبة وقلعة بانياس. ومع ذلك، فقد أدى الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير الكثير من هذه المواقع وإهمالها.
وقد فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودًا على الوصول إلى المواقع السياحية في جولان مشقر. ويضطر السياح السوريون إلى الحصول على تصاريح خاصة لزيارة الهضبة،