الرّفق بالإنسان
مقدّمة
الرّفق هو حسن المعاملة واللّين في القول والتّصرّف، وهو من السّجايا النّبيلة التي أمرنا بها ديننا الحنيف ودعتنا إليها الفطرة الإنسانيّة السّليمة، وقد حثّنا النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على اتّصافنا به فقال: (إن الرّفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)، وهو فضيلة من فضائل الأخلاق التي ينبغي أن يتحلّى بها الإنسان في كلّ حياته، فيتعامل بها مع نفسه ومع الآخرين، فهي أسمى سمات المُجتمع المُتحضّر، ولها أثر كبير في بناء العلاقات المتينة بين أفراد المجتمع، وتوطيد المحبة، ونشر السّعادة، وفي هذا المقال سنتحدّث عن أهميّة الرّفق بالإنسان وآثاره، وكيفية إظهار الرّفق في تعاملاتنا المختلفة.
أهميّة الرّفق بالإنسان
للرّفق بالإنسان أهميّة كبيرة في حياتنا، فهو سمة حضارية ورقيّ أخلاقي، ومن أهمّيته:
- يساعد الرّفق على بناء العلاقات الاجتماعيّة المتينة بين أفراد المجتمع الواحد، فالإنسان الرّفيق يُحترم ويُحبّه الآخرون، ويحرصون على مرافقته والتعامل معه.
- يجعل الرّفق الإنسان محبوبًا في مُجتمعه، وهو لذلك يُساعد على نشر المحبّة بين الناس، فالإنسان الرّفيق تجده محطّ تقدير الجميع واحترامهم.
- يعزّز الرّفق من الثّقة بين أفراد المجتمع، فالإنسان الرّفيق يحظى بثقة النّاس فيه، وبخاصة في المواقف الصّعبة.
الرّفق بالنّفس
الرّفق بالنّفس هو معاملتها بالحسنى وبما تُحبّ، وعدم إكراهها وتعنيفها، والتّدرّج معها في اكتساب العادات الحسنة والتّخلّص من السّيّئة، وهذا الرّفق يحفز النّفس على تغيير سلوكها إلى الأفضل، ومن صور الرّفق بالنّفس:
- مراعاة النّفس وعدم إجبارها على ما لا تطيق، حتّى لا ينفر الإنسان منها ويتمرّد عليها.
- تغذية النّفس بالطّعام الحلال الطّيب، ومدّها بما تحتاج من الراحة والنّوم والرياضة.
- إرشاد النّفس إلى الحقّ والخير، وحمايتها من الوقوع في المعاصي.
الرّفق بالوالدين
الرّفق بالوالدين هو برّهم وتوقيرهم وحُسن معاملتهم، وهو واجب شرعيّ وفضيلة إنسانيّة، والرّفق بالوالدين من صور الرّفق بالإنسان، ومن صوره:
- طاعتهما في المعروف، واتّباع وصاياهم، والاستماع إلى توجيهاتهم، وعدم التّعبير عن الضّيق أو الملل من وجودهم.
- صبر الابن أو البنت عليهما وتحمّل ما قد يصدُر منهما من أقوال أو أفعال تُجرح مشاعرهم، فما كبرا إلا ليبكيا ابنهما أو ابنتهما.
- عدم معاتبتهم أو توبيخهم أو التّلفّظ عليهم بألفاظ جارحة، وبخاصة عند الكبر والمرض.
الرّفق بالأهل والأقارب
الرّفق بالأهل والأقارب يحفظ الأرحام، ويقوّي روابط الأسرة، ويكسب الإنسان محبّة أقاربه، ومن صور الرّفق بالأهل والأقارب:
- صلة الرّحم وزيارة الأقارب والسّؤال عنهم، والحرص على مساعدتهم عند الحاجة.
- توقير الكبير واحترامه، وحُسن الاستماع إليه وتقديم له الرّعاية اللازمة.
- اللّين في القول واللّطف في المعاملة مع الصّغير والعطف عليه.
الرّفق بالجيران
للجيران حقّ على الإنسان، وهو الرّفق بهم، فالجيران شركاء في السّكن، ويجب مراعاة حقوقهم وعدم التّسبّب بالأذى لهم، ومن صور الرّفق بالجيران:
- إلقاء السّلام عليهم والابتسام في وجوهم، فحسن الخلق من الإيمان.
- غضّ الطّرف عن زلّاتهم، ومحاولة إصلاح ذات البين بينهم، فإصلاح ذات البين من أعظم القربات.
- تقديم المساعدة لهم عند الحاجة، فالجيران سند للإنسان في السّراء والضّراء.
الرّفق بالصّديق
الصّديق هو السّند للإنسان في حياته، ويجب على الإنسان أن يعامله بالحسنى وأن يُظهر له الرّفق في معاملاته معه، ومن صور الرّفق بالصّديق:
- الوفاء بالعهود والمواثيق، فالصّديق الوفيّ هو كنز ثمين.
- مكاتبة الصّديق وسؤاله عن أحواله، فهو يفرح بذلك كثيرًا.
- ستر عيوب الصّديق وإظهار محاسنه، وبعده عن الغيبة والنميمة.
الرّفق بالضعفاء
الرّفق بالضعفاء من صور الرّفق بالإنسان، والضعفاء هم المساكين والفقراء وأصحاب الحاجات والأيتام والمرضى والمعاقون، ومن صور الرّفق بالضعفاء:
- إعانتهم بالمال والطّعام والكساء، فالدين الإسلاميّ حثّ على إطعام المسكين وكسوة العاريّ.
- مساعدتهم في قضاء حوائجهم، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.
- الرفق بهم في القول والفعل وعدم إهانتهم، فالأذى لا يليق إلا بالأشرار.
الرّفق بالحيوان
الرّفق بالحيوان فطرة جبل الله عليها الإنسان، والحيوان يشعر بالألم واللّذة، ويجب على الإنسان أن يرحم الحيوان، ومن صور الرّفق بالحيوان:
- إطعامه وسقيه وإيواؤه، وعدم تركه جائعا أو ظمآنا أو مشرّدًا.
- عدم إيذائه أو ضربه أو تعذيبه، فالحيوان لا يدافع عن نفسه.
- حماية الحيوان من الأذى، وتقديم المساعدة له عند الضّرورة.
الرّفق بالأعداء
الرّفق بالأعداء من أعلى مراتب الأخلاق، فقد أمرنا ديننا الحنيف بالرّفق بالأعداء، ومن صور الرّفق بالأعداء:
- عدم إيذائهم أو التّسبّب في أذاهم، فهذا خلق سيّئ.
- الإحسان إليهم، فقد قال الله تعالى: (أحسن كما أحسن الله إليك)، فما أجمل الرّفق بالأعداء.
- دفع شرّهم عنّا بالحكمة والموعظة الحسنة، فدعوة الأعداء إلى الحقّ باللّين والرّفق أفضل من دفعهم بالشّرّ.
وفي الختام، فإنّ الرّفق بالإنسان سمةٌ من سمات المُجتمعات المُتحضّرة، وهو فضيلة من الفضائل الخُلُقيّة الكريمة التي يجب علينا اتّصافنا بها في مُعاملاتنا وتصرّفاتنا اليوميّة، فيجب علينا رعاية هذه الفضيلة والعمل بها في كلّ شؤون حياتنا، وأن نتعامل مع الآخرين بلينٍ وحُسن خُلق، فذلك هو ما يجعل للحياة طعمًا وللإنسان قيمة.