فوض أمرك إلى الله تويتر
المقدمة
إن تفويض الأمر إلى الله هو الثقة التامة بالله تعالى، والاعتماد عليه في جميع الأمور، والاستسلام لحكمه وقضائه، والرضا بما يقدره ويختاره لعبده، مع بذل الأسباب والعمل بما أمر الله به، فإن الله تعالى هو الناصر والمعين، وهو القادر على كل شيء.
سبعة أمور تدفعك إلى تفويض أمرك إلى الله
إيمانك بالله تعالى: فإذا آمنت بأن الله هو الخالق الرازق المالك، وأنه وحده الذي يملك النفع والضر، وأن كل شيء بيده، وأن كل ما يصيبك في الدنيا إنما هو بتقدير الله وقضائه، وأن ما قضى لك فلن يخطئك، وما لم يقض لك فلن يأتيك، وأن تقدير الله عز وجل هو عين الحكمة، حينها سيسهل عليك تفويض أمرك إلى الله.
إيقانك بأن الله يريد بك الخير: فالله تعالى يحب عباده ويريد بهم الخير، وهو أرحم الراحمين، ويعلم مصلحتهم أكثر مما يعلمون أنفسهم، فإذا أصاب العبد مكروه أو مصيبة، فعليه أن يوقن بأن الله يريد به الخير، وأنه لو كان في المصيبة شر له لصرفها عنه، ولأنه سبحانه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، يعلم كل شيء، ويفعل ما يشاء، فلن يفعل لعبده إلا ما فيه الخير.
معرفتك بأن التدبير بيد الله تعالى: فالأمور كلها بيد الله تعالى، وهو المتصرف فيها كما يشاء، ولا يتمكن أحد من خلقه أن يتصرف في أمر من الأمور إلا بإذنه ومشيئته، فإذا أصاب العبد ضيق أو كرب، فعليه أن يتذكر أن الفرج من عند الله، وأن الله قادر على تغيير الحال من الضيق إلى السعة، ومن الكرب إلى الفرج، فعليه أن يفوض أمره إلى الله، ويدعوه ويكثر من التضرع إليه، فالله تعالى هو حسبنا ونعم الوكيل.
قناعتك بأن قضاء الله نافذ لا محيد عنه: فمهما سعى العبد في دفع المكروه أو جلب المحبوب، فلن يحصل له إلا ما قدره الله تعالى له، وإذا كان قضاء الله نافذًا لا محيد عنه، فلماذا لا يفوض العبد أمره إلى الله، ويسلم لحكمه وقضائه، ويستريح باله وقلبه من الهموم والغموم، ويركن إلى ركن شديد، ويستعين بالله على ما أصاب، فالله تعالى هو خير معين.
ثقتك بأن الله تعالى سيجازيك على قدر صبرك: فالصبر من أعظم العبادات، وهو دليل على قوة الإيمان بالله تعالى، وعلى حسن التوكل عليه، فإذا ابتلى العبد بمصيبة أو مكروه، فعليه أن يصبر ويحتسب، فإن الأجر العظيم ينتظره عند الله تعالى، قال تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
إدراكك بأن الجزع والتذمر لا يجديان نفعًا: فالجزع والتذمر والشكوى إلى الخلق لا يجدي نفعًا، ولا يغير شيئًا من الواقع، بل يزيد الطين بلة، ويزيد من هموم العبد وأحزانه، فعلى العبد أن يفوض أمره إلى الله، ويدعوه ويكثر من التضرع إليه، فالله تعالى هو حسبنا ونعم الوكيل.
استحضارك لسيرة النبي ﷺ والصحابة في تفويض أمرهم إلى الله: فقد كان النبي ﷺ يكثر من الدعاء والتوكل على الله تعالى، وكان يفعل الأسباب، ويترك التدبير لله تعالى، وكان يقول: “حسبنا الله ونعم الوكيل”، وكان الصحابة الكرام يتأسون به في ذلك، ويحسنون الظن بالله تعالى، ويفوضون أمرهم إليه.
ما أجمل أن تفوض أمرك إلى الله
فتفويض الأمر إلى الله راحة القلب وسكينة النفس وطمأنينة البال، فإذا فوض العبد أمره إلى الله، وألقى همه عليه، واستغنى به عن الحول والقوة، هان عليه ما يثقل على غيره، وسهل عليه ما يعسر على غيره، فالله تعالى هو حسبنا ونعم الوكيل.
وتفويض الأمر إلى الله أمان من الهم والحزن والغم، فإذا فوض العبد أمره إلى الله، وأيقن بأن الله هو الناصر والمعين، وأنه لا يصيبه إلا ما كتبه الله له، سكن قلبه واطمأنت نفسه، وذهب عنه الهم والحزن والغم.
وتفويض الأمر إلى الله سبب لرفع الدرجات في الآخرة، ففي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: “من قال حين يصبح وحين يمسي: اللهم إني أصبحت/أمسيت عليك توكلت، وعليك فوضت أمري، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله لي غيرك”، قال: “فمن قال ذلك حين يصبح وحين يمسي، غفر له ما بينهما”.
وإليك بعض الأدعية التي يمكنك الدعاء بها لتفويض أمرك إلى الله تعالى
اللهم إني أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، اللهم فاهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
اللهم يا مسهل الشديد، ويا ملين الحديد، ويا منجز الوعيد، ويا منجز الوعد، أخرجني من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، واحفظني بعينك التي لا تنام، وكن لي وليًا ونصيرًا ومعينًا على من بغى علي، اللهم اقض حاجتي، واكشف كربتي، وفرج همي، ويسر أمري.
اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي.
الخاتمة
وختامًا، فإن تفويض الأمر إلى الله هو من أعظم العبادات، وهو من أسباب السعادة والراحة في الدنيا والآخرة، فاحرص على تفويض أمرك إلى الله تعالى في كل أمورك، واستعن بالله على ما أصابك، فالله تعالى هو حسبنا ونعم الوكيل.