قال لا تخافا انني معكما اسمع وارى
نطق بها العزيز الجليل ليكسر حاجز الخوف والوجل من قلب سيدنا موسى وهارون عليهما السلام، ويمنحهما الطمأنينة والسكينة، ويؤكد لهما أنه معهما دائماً، يسمع دعائهما، ويرى تحركاتهما.
تجلّي القدرة الإلهية
جاءت هذه العبارة في سياق قصة سيدنا موسى وهارون عليهما السلام، عندما أرسلهما الله إلى فرعون يدعوانه إلى الإيمان بالله وترك الظلم والطغيان، إلا أن فرعون استكبر وظن أنه قادر على مواجهة الله، فأرسل موسى وهارون معه سحرة ماهرين ليتحدوهما.
وعندما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم، وتحولت إلى ثعابين ضخمة هائلة، خاف سيدنا موسى وهارون عليهما السلام، فطمأنهما الله تعالى قائلاً: “قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى”.
ففي هذه اللحظة العصيبة، تجلت قدرة الله العظيمة، فقد كان مع موسى وهارون يسمع دعائهما، ويرى تحركاتهما، ويساندهما في مواجهة السحرة، حتى تمكن موسى عليه السلام من تحويل عصاه إلى ثعبان كبير ابتلع ثعابين السحرة، وأثبت للعالم أجمع أن الله هو الأقوى والأعز.
الثقة في الله
تُرسّخ هذه العبارة مبدأ الثقة بالله تعالى، فهو سبحانه القوي الجبار الذي لا يعجزه شيء، وهو معنا في كل وقت وفي كل مكان، يسمع دعاءنا، ويرى تحركاتنا، ويساعدنا في مواجهة الصعوبات والتحديات.
لذلك، علينا أن نثق بالله دائماً، وأن نلجأ إليه في كل أمورنا، وأن نوقن أنه لن يتركنا أبداً، وأنه سيقف إلى جانبنا دائماً، وسيحقق لنا ما نرجو ونسعى إليه.
الدعاء والتضرع
تُشير عبارة “أسمع وأرى” إلى أن الله تعالى يسمع دعاء عباده، ويرى تحركاتهم وأفعالهم، ولذلك، علينا أن نكثر من الدعاء والتضرع إلى الله، وأن نطلب منه العون والمساعدة.
فالدعاء هو سلاح المؤمن، وهو الوسيلة التي نتواصل بها مع الله تعالى، ونتقرب بها إليه، ونسأله فيها ما نحتاجه من خير الدنيا والآخرة.
الطمأنينة والسكينة
عندما نوقن أن الله تعالى معنا، يسمع دعاءنا، ويرى تحركاتنا، فإننا نشعر بالطمأنينة والسكينة، ونزول السكينة على القلب يجعلنا نشعر بالقوة والشجاعة، ويزيل عنا الخوف والقلق.
لذلك، علينا أن نتذكر هذه العبارة دائماً، وأن نجعلها نصب أعيننا، وأن نرددها في أوقات الشدة والضيق، لتمنحنا الطمأنينة والسكينة، وتذهب عنا الخوف والجزع.
مواجهة التحديات والصعوبات
إن معرفة أن الله تعالى معنا، وأنه يسمع دعاءنا، ويرى تحركاتنا، يمنحنا القوة والشجاعة لمواجهة التحديات والصعوبات التي تواجهنا في الحياة.
فمهما كانت الصعوبات كبيرة، ومهما كانت التحديات عظيمة، فإننا نستطيع التغلب عليها، إذا وثقنا بالله تعالى، واعتمدنا عليه، وطلبنا منه العون والمساعدة.
النصر والتمكين
عندما نتوكل على الله تعالى، ونثق به، ونستعين به، فإنه ينصرنا ويمكّننا من أعدائنا، ويحقق لنا ما نرجو ونسعى إليه.
وتاريخنا الإسلامي مليء بشواهد عديدة على نصر الله لعباده الذين وثقوا به، وتوكلوا عليه، واستعانوا به في مواجهة أعدائهم.
الخاتمة
إن عبارة “قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى” هي بمثابة وعد إلهي لنا جميعاً، بأن الله تعالى معنا دائماً، يسمع دعاءنا، ويرى تحركاتنا، ويساعدنا في مواجهة الصعوبات والتحديات، وينصرنا على أعدائنا، ويحقق لنا ما نرجو ونسعى إليه.
فلتكن هذه العبارة نصب أعيننا دائماً، ولتكن شعارنا في الحياة، ولتمنحنا القوة والشجاعة والثقة في الله تعالى، وأن يجعلنا من عباده المتوكلين عليه، والراضين بقضائه وقدره، والمستعينين به في كل أمورهم.